إن التوسل بالأنبياء و الأولياء من بديهيات الأديان وقد ذكر القرآن الكريم نماذج من التوسل بالأشياء, فما بال الأنبياء و الأولياء ولاسيما رسول الله صلى الله عليه وآله؟!
إن التوسل بالأنبياء و الأولياء من بديهيات دين الإسلام بل جميع الأديان. و شواهده من القرآن و السنة كثيرة لاتكاد تحصى. فمنكره منكر البديهيات. لكن مع ذلك ترى مع كل التعجب أن بعض من يدعي الإسلام _ وهو بمعزل منه_ ينكر التوسل إلى الله أشد الإنكار بلاحجة ولا دليل واضح ويتشبث بموهومات متوهَمة لا تسمن و لاتغني من جوع! ولا تدل على مطلوبه أساساً.
إن التوسل بالأنبياء و الأوصياء بل وحتى الأشياء أمر ثابت حق محقَق و ليس التوسل عند الشيعة فقط!
اليك نماذج واضحة منه.
ذكر القرآن الكريم قصة يوسف على نبينا وآله وعليه السلام ومن خلالها جاء بقضية شفاء عيني يعقوب على نبينا وآله وعليه السلام فقال:
اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَٰذَا فَأَلْقُوهُ عَلَىٰ وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ ﴿٩٣﴾... فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَىٰ وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴿٩٦﴾
فجعل الله الشفاء في قميص يوسف مع أن الله القادر على كل شئ كان باستطاعته أن يشفي عيني يعقوب بلا حاجة إلي القميص و هو أهون عليه!
ولو قال المتوهمون: هذه معجزة مختصة بالأنبياء.
قلنا: طيب! و ما تقولون في قضية التابوت؟ قال الله تعالى:
وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا ... وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَىٰ وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ.[1]
قال الطبري: وهو التابوت الذي كانت بنو إسرائيل إذا لقوا عدوا لهم قدموه أمامهم، وزحفوا معه, فلا يقوم لهم معه عدو، ولا يظهر عليهم أحد ناوأهم.[2]
فما هذه القدرة للخشب و ما فيه؟!!
إذا كان هذا تأثير تابوت من خشب و قميص من قماش فكيف بتأثير النبي صلى الله عليه وآله و قبره الشريف؟! لکن الوهابیون يؤمنون بتأثير الخشب والقماش و ينكرون تأثير قبر النبي الشريف صلى الله عليه وآله!
وانظر إلى قوله تعالى: قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَٰلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي.[3]
قال ابن كثير في تفسيره:
ان السامري رأى الرسول (الذي هو جبريل) فألقي في روعه أنك إن أخذت من أثر هذا الفرس قبضة فألقيتها في شيء ، فقلت له : " كن فكان " فقبض قبضة من أثر الرسول ، فيبست أصابعه على القبضة ، فلما ذهب موسى للميقات وكان بنو إسرائيل استعاروا حلي آل فرعون، فقال لهم السامري : إنما أصابكم من أجل هذا الحلي ، فاجمعوه . فجمعوه ، فأوقدوا عليه ، فذاب ، فرآه السامري فألقي في روعه أنك لو قذفت هذه القبضة في هذه فقلت : " كن " كان . فقذف القبضة وقال : " كن "، فكان عجلا له خوار ، فقال : هذا إلهكم وإله موسى.[4]
هذا تأثير تراب أثر فرس جبريل!
ثم إن التوسل بالنبي صلى الله عليه وآله كان معهودا عند جميع فرق المسلمين عدا هؤلاء المتوهمين. قال ابن حجر العسقلاني الحافظ السني:
يا سيدي يا رسول الله قد شرفت قصائدي بمديح فيك قد رُصفا
بباب جودك عبد مذنب كلف يا أحسن الناس وجها مشرقا وقفا
بكم توسل يرجو العفو عن زلل من خوفه جفنه الهامي لقد ذرفا![5]
المصادر
[1] . البقرة 247 و 248 .
[2] . تفسير الطبري, ذيل الآية.
[3] . طه 95 و96 .
[4] . تفسير بن كثير, ذيل الآیة.
[5] . ديوان أبن حجر العسقلاني.