انكر ابن تيمية على عادته الثوابت من فضائل أمير المؤمنين علي عليه السلام ومنها رواية ليلة المبيت ونزول الاية فيه حيث قال : كذب باتفاق أهل العلم بالحديث والسير و انها مدنية. قيل : إنها نزلت في صهيب.

كيف يكذب ابن تيمية تلك الفضائل وقد روي عنه عليه السلام أنه قال:
« وأمرني أن أضطجع في مضجعه ، وأقيه بنفسي ، فأسرعت إلى ذلك مطيعاً له ، مسروراً لنفسي بأن أقتل دونه ، فمضى « صلى الله عليه وآله » لوجهه ، واضطجعت في مضجعه ، وأقبلت رجالات قريش موقنة في أنفسها أن تقتل النبي « صلى الله عليه وآله » ، فلما استوى بي وبهم البيت الذي أنا فيه ناهضتهم بسيفي ؛ فدفعتهم عن نفسي بما قد علمه الله والناس . ثم أقبل على أصحابه ، فقال : أليس كذلك ، قالوا : بلى يا أمير المؤمنين »[1] . وقيل : إنهم ضربوا علياً ، وحبسوه ساعة ، ثم تركوه[2].
وأما دعوى ابن تيمية : أن حديث حراسة جبرائيل وميكائيل له « عليه السلام » ، ونزول الآية فيه ، كذب باتفاق أهل العلم بالحديث والسير.[3] فلا تصح أصلاً ، إذ لم نجد أحداً منهم صرح بكذب هذه الرواية سواه ، فهو يدعي عليهم ما لا يعرفون ، وينسب إليهم ما هم منه بريئون .
وقوله إن سورة البقرة مدنية ، ولو صح نزول الآية في علي « عليه السلام » لكانت مكية . غير مقبول ، فإن نزول الآية لو سلم أنه كان في نفس ليلة المبيت ، فمن الواضح أن النبي « صلى الله عليه وآله » كان حينئذٍ في الغار ، وليس معه سوى أبي بكر ؛ فلم يكن ثمة مجال للإعلان بنزول الآية إلا بعد وصوله « صلى الله عليه وآله » إلى المدينة ، واستقراره فيها ، ثم إتاحة الفرصة له في الظرف المناسب لإظهار هذه الفضيلة العظيمة لابن عمه ووصيه .
أما آية الغار فيمكن أن تكون قد نزلت في السنة التاسعة أو العاشرة ، لأجل إبطال بعض الإشاعات وزعمهم أن الحضور في الغار كان فضيلة لأبي بكر .
فلا بأس أن تعد بهذا الاعتبار مدنية ، وتجعل في سورة البقرة ، التي كان نزولها في مطلع الهجرة ، كما هو معلوم.
هذا بالإضافة إلى أن وجود آية مكية في سورة مدنية ليس بعزيز .
وقولهم انها نزلت في صهيب الرومي ، حيث أراد الهجرة ، فمنعه المشركون من ذلك حتى بذل لهم ماله . فلما التقى بالنبي « صلى الله عليه وآله » في قباء ، قال له النبي « صلى الله عليه وآله » : ربح البيع ، أو نحو ذلك ، فنزلت الآية [4].
وهذا لا يصح بما يلي :
أولاً : إن الآية تثني على من بذل نفسه ابتغاء مرضات الله ، لا من بذل ماله . .
ثانياً : إنهم يذكرون : إنه لم يتخلف مع النبي « صلى الله عليه وآله » أحد من المهاجرين إلا حبس أو فتن ، إلا علياً وأبا بكر.[5]
ثالثاً : إن مفاد آية الشراء هو الثناء على من نزلت في حقه ولم يكن صهيب بالذي يستحق ذلك كما أظهرته الوقائع.[6]
المصادر:
[1] - بحار الأنوار ج 19 ص 45 عن الخصال ج 2 ص 14 و 15 .
[2] - تاريخ الخميس ج 1 ص 325 .
[3] - السيرة الحلبية ج 2 ص 27 و ( ط دار المعرفة ) ج 2 ص 192.
[4] - الإصابة : ج 2 في ترجمة صهيب
[5] - السيرة النبوية لابن هشام ج 2 ص 123 وسيرة مغلطاي ص 31.
[6] - ترجمة صهيب في قاموس الرجال وغيره . .