الفضاء إفتراضي أم حقيقي؟

09:36 - 2022/06/07

الفضاء الإفتراضي أحياناً كالفضاء الحقيقي يؤثر على سلوكيات الأشخاص فيجعلهم يخوضون في المخاطر والمعاصي.

الفضاء إفتراضي أم حقيقي؟

مع تطوّر التكنولوجية، اختُرعت أجهزة ووسائل عديدة لها إيجابيات وسلبيات تؤثّر على سلوكيات الأشخاص، منها وسائل التواصل الإجتماعي الحديثة التي قد انشغل بها واعتاد عليها معظم الناس حتى أصبحت جزءاً من حياتهم ولايستطيعون الإنعزال عنها وقد يعبّر عنها بالفضاء الإفتراضي.

إنّ الأمر الذي يهمنّا في هذا المقال، هو أنّ هل الفضاء الإفتراضي له أثر كالفضاء الحقيقي أم لا؟

نحن إذا بحثنا ودققنا في الأمر، نجد أنّ هناك مخاطر ومعاصي تتوجه إلى الأشخاص وإلى المجتمع من خلال شبكات التواصل الإجتماعي، هي أعظم من الفضاء الحقيقي.

وأمّا الذنوب التي يمكن أن يرتكبها الشخص في الفضاء الإفتراضي هي كما يلي:

أولاً: إشاعة المنكر، ويحصل هذا بنشر الأخبار أو الصور أو الأصوات عن الأشخاص، التي قد نهى الله سبحانه وتعالى عن إشاعتها وبثها في المجتمع، قال تعالى:« إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ»[1] فليحذر الإنسان من أن ينشر شيئاً يسبّب إشاعة المنكر، فأحياناً الإنسان يريد أن يكون واعظاً ولكن بسبب فعله هذا قد بثّ منكراً وهو لايعلم وقد روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال:« مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً كَانَ لَهُ أَجْرُهَا وَ أَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا إِلَى يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ وَ مَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَ وِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا إِلَى يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ». [2]

ثانياً: الكذب، ولقد شاهدنا مراراً وكراراً  أنّ بعض الروايات التي تنسب إلى النبي وأهل بيته (عليهم السلام) أو عن الأشخاص أو بعض الأخبار الإجتماعية، لم تطابق الواقع، فعلى الأشخاص أن يتأكّدوا من الأخبار قبل نشرها، فنشرها من غير تحقيق وعدم مطابقتها للواقع يُعدّ كذباً.

ثالثاً: الإستهزاء، وقد نهى الله سبحانه وتعالى عن السخرية والإستهزاء بالآخرين، فأحياناً نحن الذين نقوم باستهزاء الآخرين وأحياناً نساعد على ذلك الأمر بنشر المقاطع التي تضر بشخصية الأفراد وقد قال سبحانه وتعالى:« یا ایهَا الَّذینَ امَنُوا لا یسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسی انْ یکونُوا خَیرا مِنْهُم وَ لا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسی انْ یکنَّ خَیرا مِنْهُنَّ وَ لا تَلْمِزُوا انْفُسَکمْ وَ لا تَنابَزُوا بِالالْقابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الایمانِ وَ مَنْ لَمْ یتُبْ فَاولئِک هُمُ الظّالِمُونَ»[3]فعلينا أن نحتاط بنشر ما يشين أو يهين بشخصية الأفراد ولايختلف في ذلك أنّ هذا الشخص من بلدك أو من بلد آخر أو على غير مذهبك والمهان ربما يكون وليّاً من أولياء الله فعن الإمام الصادق (عليه السلام) قال:« يَقُولُ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ : مَنْ أَهَانَ لِي وَلِيّاً فَقَدْ أَرْصَدَ لِمُحَارَبَتِي...»[4]

رابعاً: الإرتباط مع الجنس المخالف عبر شبكات التواصل الإجتماعي، الذي هو في حد ذاته يشتمل على عدة معاصي منها النظر إلى محرّم والتكلّم مع من يحرم الحديث معه وهذا الإرتباط أحياناً يؤدّي إلى مشاكل عظيمة تسبب الإضطراب في المجتمع وأحياناً يهدد كيان العائلة.

بعد بيان هذه المخاطر، نقول ما هي الأسباب التي تجعل الإنسان يرتكب هذه المعاصي؟ توجد هناك العديد من الأسباب ولكن نذكر منها على سبيل الإختصار:

أولاً: الخلوة، الخلوة أحياناً تجعل الإنسان يجترأ على ارتكاب المعصية ولكن ليعلم أنّ الله معه ويراه في كل حين ولا يخفى عليه شيء، قال الله تعالى:«... وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا...»[5]

ثانیاً: الجهل بالعمل، فيظنّ أنّ السخرية والإستهزاء بالأشخاص في الفضاء الإفتراضي لا يعد إهانة، بحجة أنّ هذا الشخص لا نعرفه فليس علينا شيء إذا أرسلنا مقطعاً يشين به!

ثالثاً: العداوة والحسد، وهذان سببان آخران لنشر الأكاذيب والإفتراء والإهانة بالآخرين فالإنسان المؤمن لا يحمل حقداً ولا عداوة ولا يحسد الناس.

المصادر:

[1] . النور، الآية 19.

[2] . الفصول المختارة، ج1، ص136.

[3] . الحجرات، الآية11.

[4] . بحار الأنوار، ج64، ص65.

[5] . يونس، الآية61.

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
4 + 5 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.