الملاحظات العقائدية في خطبة الغدير

10:11 - 2022/07/04

نظرة الاِنسان إلى الحياة والكون وما فيهما من مفاهيم وكذا عواطفه وأحاسيسه كلها تدور حول محور العقيدة التي يتبناها، لذا ركّز رسول الله « صلى الله عليه وآله » في يوم الغدير على هذه الناحية المهمة.

الملاحظات العقائدية في خطبة الغدير

التفاتات يوم الغدير

قد بدأ « صلى الله عليه وآله » يوم الغدير خطبته بالاستعاذة بالله من شرور أنفسنا ، وسيئات أعمالنا . . باعتبار أن الإنسان قد لا يبادر إلى بعض المعاصي إلا إذا زينها له الشيطان ، وأظهرها له على غير واقعها ، وقلب له الحقائق ، فجعل له القبيح حسناً ، والعكس ، قال تعالى : ( وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ المُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ . . )[1] . وقال تعالى : ( زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ )[2] . ولأجل ذلك استعاذ « صلى الله عليه وآله » من شرور النفس وسيئات الأعمال .

انه « صلى الله عليه وآله » ذكرهم يوم الغدير بالركائز العقائدية ، والإيمانية ، ووضعهم أمام العقل والضمير لكي يكونا هما الحافز لهم لتقبل القرار الرباني ، الذي سيثقل عليهم ، بسبب هيمنة الأهواء والعصبيات عليهم ، لكي تحميهم تلك الركائز الاعتقادية ، من طغيان الهوى ، وجذبات الغرائز .

انه « صلى الله عليه وآله » حدد لهم الثقلين : كتاب الله ، وأهل بيته مرجعاً لهم في ظلمات الجهالة ، وعند حيرة الضلالة .

يوم الغدير

اسلوب تقريرهم يوم الغدير

ثم واجههم باسلوب التقرير الذي انتهجه معهم ، فمنع أي تأويل ، أو ادعاء لوجوهٍ اجتهادية في المعنى ، أو اللجوء إلى التنصل بحجة عدم السماع ، أو عدم الفهم ، أو عدم الالتفات أو غير ذلك مما يمكِّن ذوي الأغراض من تمييع القضية ، أو الانتقاص من حيويتها ، أو من الشعور بأهميتها وخطورتها .

إنه سألهم أولاً - بما هم جماعة - ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، ثم سألهم عن أولويته بكل فردٍ منهم من نفسه . . ليدلهم بذلك على أن الأمر يعنيهم بما هم جماعة و بما هم أفراد.

ثم سألهم ثالثاً : عن حدود سلطتهم على أنفسهم ، ويريد أن يسمع إقرارهم له بأن سلطته وولايته عليهم ، فوق سلطة وموقعية وولاية حتى أمهاتهم وآبائهم ، وحتى أنفسهم على أنفسهم . وهذا سوف يزيد من اهتمامهم بمعرفة هذا الأمر الخطير ، والتعامل معه بإيجابية متناهية .

فقال « صلى الله عليه وآله »: أيها الناس ، من أولى الناس بالمؤمنين . قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : أولى الناس بالمؤمنين أهل بيتي . يقول ذلك ثلاث مرات . ثم قال في الرابعة ، وأخذ بيد علي : اللهم من كنت مولاه ، فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه - يقولها ثلاث مرات - ألا فليبلغ الشاهد الغائب [3].

فقال عمر بن الخطاب : هنيئاً لك يا بن أبي طالب ، أصبحت اليوم ولي كل مؤمن.[4]

ومع كل هذه المقدمات التي أقامها رسول الله « صلى الله عليه وآله » بل و أكثر من ذلك، لم تفلح لردع الشيطان ووسوسة هوى النفس من الانحراف عن صراط الولاية التي اعلن عنها يوم الغدير.

المصادر:

[1] . الانعام، الآية 137.

[2] . التوبة، الآية 37.

[3] . الفصول المهمة لابن الصباغ، ج 1، ص 237 – 241.

[4] . تاريخ مدينة دمشق، ج 42، ص 220.

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
12 + 5 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.