-بالتأمل في الآيات الناهية عن الركون الى الظلمة، والروايات الآمرة بطاعتهم، يظهر التعارض وأنها من مخلفات بني أمية.
الروايات وطاعة الحاكم: إنه يقبح على المولى الحكيم أن ينصب على الأمة إماماً جائراً فاسقاً ظالماً حتى مع التسليم بأن إمامة الإمام تكون بانتخاب الأمة، وأقبح منه لو قيل بوجوب طاعة الفاجر الذي غلب بالسيف بلا انتخاب ولا بيعة.
وعليه فلو رجعنا الى الآيات القرآنية نجدها قد عيّنتْ المسار الصحيح في من يستحق الطاعة ممن لا يستحق، ففي طاعة الظالم قال تعالى: ولا تركنوا الى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون.[1]
وسبب النهي أن الناس على دين ملوكهم، فلو كان الحاكم ظالما فإنه سوف يؤثّر تدريجا على الثقافة الفكرية للمجتمع، فيضمحل بذلك مفهوم قبح الظلم ويحل محله الرغبة الى الظلم، لذلك حرّم الله تعالى على المسلمين الركون الى الظلمة مطلقاً، كما هو المفهوم من الآية، لكن أهل السنة والجماعة، تمسكوا في المقام بروايات تدل على وجوب الطاعة للسلطان والتسليم له وإن كان قد غلب بالقهر والسيف، وهذا لا ينسجم مع إطلاق الآية الكريمة.
والخبير يعلم أن الروايات المعارضة للآيات، ليس لها صلاحية المعارضة، فما كان مخالفا للكتاب فإنه مردود وباطل.
الروايات المعارضة للآيات
إن الروايات الغير منسجمة مع الآيات، هي من مخلفات الحكام والسلاطين من بني أمية وبني العباس الذين دسّوا هذه الروايات في أحاديث النبي صلى الله عليه وآله لحسم الخلاف وتصفية الجو عن المعارضين الذين تمسكوا بأحكام الدين في مدرسة أهل البيت عليهم السلام. وهؤلاء كانوا يرفضون جميع الحكومات الا حكومة أئمة أهل البيت عليهم السلام.
إن دراسة أسباب انتشار المذاهب الاربعة دراسة علمية موضوعية، يوصلنا الى أن مذاهب السنة قد شاعت بين الناس بإرادة السلطة الحاكمة آنذاك.
قال أحمد أمين: كان للحكومات دخل كبير في نصرة مذهب أهل السنة، والحكومات عادة اذا كانت قوية أيدت مذهباً من المذاهب وتبعه الناس بالتقليد، وظل مسندا الى أن تداول الدولة.[2]
وهذا بخلاف أبناء مدرسة أهل البيت عليهم السلام فإنهم تبعاً لأئمتهم لا يعملون بالروايات المخالفة للكتاب ويعتبرونها زخرفا وباطلا ويضربون بها عرض الجدار.
المصادر
[1] . سورة هود، الآية 113.
[2] . ظهر الاسلام، ج4،ص96.