نظرة إلى صفات الصَّدِيق

الأحاديث الناظرة الى موضوع الصَّدِيق ،بعضها قسّمته إلى: إخوان الثقة وإخوان المكاشرة، وبعضها قسمته إلى ثلاثة: فواحد كالغذاء والثاني كالداء والثالث كالدواء، والحقيقة لا اختلاف بين الاحاديث سوى الاجمال والتفصيل.

فالتقسيم الأول ورد عن علي بن ابي طالب عليه السلام حيث قال: الإخوان صنفان: إخوان الثقة وإخوان المكاشرة، فأما إخوان الثقة فهم كالكفّ والجناح والأهل والمال، وإذا كنت من أخيك على ثقةٍ فأبذل له مالك ويدك، وصافِ من صافاه وعادِ من عاداه واكتم سرّه، وأعنه، وأظهر منه الحسن، واعلم أيها السائل أنهم أقلّ من الكبريت الأحمر وأما إخوان المكاشرة، فإنك تصيب منهم لذّتك ولا تقطعنّ ذلك منهم، ولا تطلبنّ ما وراء ذلك من ضميرهم، وابذل ما بذلوا لك من طلاقة الوجه، وحلاوة اللسان. [1]

إن العلاقة بين إخوان الثقة علاقة عميقة وتعود إلى أعماق كلا الطرفين بما هما عليه من فطرة إلهية ووحدة في المنطلق والهدف، وصدق في الموقف بحيث أن الثقة بالاخر هي التي سبّبت البذل له وما سواه من الأمور المذكورة في الحديث من الحقوق المجعولة له.

أما العلاقة بين إخوان المكاشرة فهي علاقة سطحية لا تتعدى الظاهر والمقابلة، بمعنى أنها مقتصرة على دلالات الوجه واللسان دون البناء على ما وراء ذلك، فلذا لا يمكن التعويل على ما تنطوي عليه وتبقى شكلاً لا مضموناً ومظهراً يتعامل معه بحدوده لا أكثر.

التقسيم الثاني عن الصَّدِيق

التقسيم الثاني في الصَّدِيق ورد عن الإمام الصادق عليه السلام، قال: الإخوان ثلاثة: فواحد كالغذاء الذي يحتاج إليه كل وقت فهو العاقل، والثاني في معنى الداء وهو الأحمق، والثالث في معنى الدواء فهو اللبيب. [2]

فالصَّدِيق الذي هو كالغذاء، فهو الذي يمثّل حاجة دائمة ومستمرة في الحياة الفكرية والدينية لأخيه كما الطعام والشراب بالنسبة للبدن ولذلك قال عليه السلام: "يحتاج إليه كل وقت".

والصَّدِيق الذي هو كالداء، فهو الأحمق الذي فسد عقله، فبات مصدراً للإنحراف عن الطريق القويم والكل في غنىً عنه، ومثل هكذا صديق يجب الإحتراز منه.

والصَّدِيق الموصوف بأنه لبيب، فهو الذي اعتبره الامام عليه السلام ضرورةً في دوام العافية الاجتماعية ودواءً عند حلول المشاكل أو الوقوع في الأزمات، فمثل هذا الصَّديق هوالأهم الذي يجب حفظه وصيانته.

المصادر:

[1] . بحار الأنوار، ج 74، ص 281، ح 2.

[2] . تحف العقول، ص 323.