مقام الإمام موسى الكاظم باعتراف هارون

17:08 - 2024/06/27

يظن المأمون وأبوه هارون أن الاعتراف النظري بالتشيع للنبي وعترته يكفي للنجاة من النار وإن خالف ذلك في قوله وفعله وغصب منصب الإمامة.

الإمام موسى الكاظم و هارون : كل ملوك بني العباس وبني أمية يعرفون أئمة أهل البيت عليهم السلام وأن منصب الإمامة لهم كان من الله تعالى، فهم حقا كما قال تعالى: "وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا"[1] وإظهار المحبة بالقول دون العمل، ما هو إلا ذر الرماد في العيون، لأن المحبة تستتبع الطاعة والتبعية، وإلا فالإدعاء باطل.

يسأل المأمون من حضر عنده ويقول لهم أتعلمون مَن علّمني التشيع؟ ظنّاً منه أن مجرد المعرفة تكفي للإتصاف بالتشيع، فيقول القوم جميعاً: لا والله ما نعلم! قال: علمنيه الرشيد، قالوا: كيف ذلك والرشيد كان يقتل أهل هذا البيت؟ قال: كان يقتلهم على الملك لأن الملك عقيم.

لقد حججت معه سنةً فلما صار إلى المدينة تقدم إلى حجابه وقال: لا يدخلن عليَّ من أهل المدينة ومكة أحدٌ إلا نسب نفسه! وكان الرجل إذا دخل عليه يصله من المال على قدر شرفه وهجرة آبائه، ودخل الفضل بن الربيع على هارون، فقال: على الباب رجل يزعم أنه موسى بن جعفر.

قال لآذنه: إئذن له ولا ينزل إلا على بساطي! فدخل شيخ مسخد (مصفر الوجه) قد أنهكته العبادة، فما زال يسير على حماره حتى صار إلى البساط، فنزل فقام إليه الرشيد واستقبله وقبّل وجهه وعينيه وأخذ بيده حتى صيره في صدر المجلس وأجلسه معه، وجعل يحدثه ويقبل بوجهه عليه ويسأله عن أحواله ثم قال له: هل عليك دين؟ قال: نعم قال: كم؟ قال: نحو عشره آلاف دينار.

فقال الرشيد: يا ابن عم أنا أعطيك من المال ما تزوج الذكران والنسوان وتقضي الدين وتعمر الضياع.

أعطى هارون للإمام هذا الوعد وهو يضمر في نفسه عدم الوفاء به، ويكذب على الإمام وقد ورد في الحديث أن الكذب مفتاح كل شر.  

وبعد هذا اللقاء خرج الإمام من مجلس هارون، فقال المأمون لهارون: من هذا الرجل الذي قد أعظمته وأجللته، وقمت من مجلسك إليه فاستقبلته، وأقعدته في صدر المجلس وجلست دونه، ثم أمرتنا بأخذ الركاب له؟

قال: هذا إمام الناس وحجة الله على خلقه وخليفته على عباده!

فقلت: أوليست هذه الصفات كلها لك وفيك؟

فقال: أنا إمام الجماعة في الظاهر والغلبة والقهر، وموسى بن جعفر إمام حق! والله يا بني إنه لأحق بمقام رسول الله مني ومن الخلق جميعاً. ووالله لو نازعتني هذا الأمر لأخذت الذي فيه عيناك، فإن الملك عقيم!

فلما أراد هارون الرحيل من المدينة إلى مكة، أمر بصرة سوداء فيها مائتا دينار، وقال للفضل بن الربيع: إذهب بهذه إلى موسى بن جعفر وقل له: يقول لك أمير المؤمنين: نحن في ضيقه وسيأتيك برنا بعد الوقت.

هارون

كذبة هارون بعد ما وعد الإمام

واعترض المأمون على هذا المبلغ من المال! فقال هارون: أسكت لا أم لك، فإني لو أعطيت هذا ما ضمنته له ما كنت أمنته أن يضرب وجهي غداً بمائة ألف سيف من شيعته ومواليه. وفقر هذا وأهل بيته أسلم لي ولكم من بسط أيديهم وأعينهم!

وفي رواية أن هارون قال: يا بني هذا وارث علم النبيين، إن أردت العلم الصحيح فعند هذا. قال المأمون: فحينئذ انغرس في قلبي محبتهم.[2]

وهذه كذبة أخرى من الإبن بعد كذبة الأبِ، فإنه لو انغرس الحب في قلبه لأطاع أمر أهل البيت وسلّم إمارة المسلمين لهم، لأن المحبة تستتبع الطاعة والتبعية لمن أحب، قال تعالى:"قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم"[3]  

المصادر:

[1] . سورة النمل، الآية 14.

[2] . الإمام الكاظم (ع) سيد بغداد، الشيخ علي الكوراني، ص185.

[3] . سورة آل عمران، الآية 31.

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
5 + 1 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.