من نفيس آية المباهلة

18:38 - 2024/07/01

نزلت آية المباهلة في خصوص علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام جميعا.

من نفيس آية المباهلة

من نفيس آية المباهلة

المباهلة في الأصل من مادة " بهل " (على وزن أهل) بمعنى اطلاق وفك القيد عن الشئ وبذلك يقال للحيوان الطلق حيث لا توضع محالبها في كيس كي يستطيع وليدها أن يرضع بسهولة يقال له: " باهل "، وإذا فسروها بمعنى الهلاك واللعن والبعد عن الله كذلك بسبب ترك العبد طلقا وحرا في كل شئ تترتب عليه هذه النتائج. وأما مفهوما فمعناها الملاعنة بين الشخصين، ولذا يجتمع أفراد للحوار حول مسألة دينية مهمة في مكان واحد ويتضرعون إلى الله أن يفضح الكاذب ويعاقبه[1].

هذا، والمقطوع به على سبيل اليقين عند الشيعة أن آية المباهلة وهي قوله تعالى : {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ}[2] نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام جميعا بالخصوص، في واقعة المباهلة المعروفة التي دعا فيها الرسول الأكرم صلی الله عليه وآله وسلم نصارى نجران للمباهلة، وذلك بعد أن اختلفوا في مكانة النبي عيسى عليه السلام، بينما زعم القوم أن تفسير ألفاظ الآية: الأبناء والنساء والأنفس بالأربعة المذكورين تعينا لايصح، بمعنى أن الله تعالى لم يرد بالأبناء خصوص الحسن والحسين، أو بالنساء خصوص فاطمة، أو بالأنفس خصوص علي، بل غاية الأمر أن هؤلاء داخلون فيها، أو أنهم أولى بها من غيرهم، فأدخلوا بقية الأبناء وعمه العباس مثلا، يقول ابن تيمية: "وأما آية المباهلة فليست من الخصائص بل دعا عليا وفاطمة وابنيهما ولم يكن ذلك لأنهم أفضل الأمة بل لِأنهم أخصّ أهل بيته كما في حديث الكساء".[3]

وفيما يتعلق بدلالة الآية على إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فإن علماءنا الأبرار يستدلون بكلمة : ( وَأَنفُسَنَا ) ، تبعا لأئمّتنا عليهم ‌السلام في سبيل ذلك. ولعل أول من استدل بهذه الآية المباركة هو أمير المؤمنين عليه السلام نفسه ، عندما احتجّ في الشورى على الحاضرين بجملة من فضائله ومناقبه ، فكان من ذلك احتجاجه بآية المباهلة ، وكلهم أقروا بما قاله أمير المؤمنين ، وصدّقوه في ما قال ، وهذا الإحتجاج في الشورى مروي أيضاً من طرق السنّة أنفسهم.[4]

المباهلة

وأما من طريقنا فمنه ما حكاه الشيخ المفيد قدس سره من أنّ المأمون العباسي سأل الإمام الرضا عليه‌ السلام قال أخبرني بِأَكبرِ فَضيلة لأمير المؤمنين عليه السلام يدل عليها القرآن فقال له الرضا عليه السلام فضيلته في المباهلة وتلا الآية إلى أن قال عليه السلام: فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله الحسن و الحسين عليهما السلام فكانا ابنيه و دعا فاطمة عليها السلام فكانت في هذا الموضع نساءه و دعا أمير المؤمنين عليه السلام فكان نفسه بحكم اللّه عز و جل و قد ثبت أنه ليس أحد من خلق اللّه سبحانه أجل من رسول اللّه صلى الله عليه وآله و أفضل فوجب أن لا يكون أحد أفضل من نفس رسول الله صلى الله عليه وآله بحكم اللّه عَز و جل.

فقال له المأمون أ ليس قد ذكر اللّه الأبناء بلفظ الجمع وإنما دعا رسول اللَّهِ صلى الله عليه وآله ابنيه خاصة و ذكر النساء بلفظ الجمع وإِنما دعا رسول اللَه صلى الله عليه وآله ابنته وحدها فلم لَا جاز أن يذكر الدعاء لمن هو نفسه  ويكون المراد نفسه في الحقيقَة دون غيره فَلا يكون لأمير المؤمنين عليه السلام ما ذكرت من الفضل فقال له الرِضا عليه السلام ليس بصحيح ما ذكرت يا أمير المؤمنين و ذلك أن الداعي إنما يكون داعيا لغيرِه كما يكون الآمر آمرا لغيرِه و لا يصح أن يكون داعيا لنفسه في الحقيقة كما لا يكون آمرا لها في الحقيقَة و إذا لم يدع رسول اللّه صلى الله عليه وآله رجلا في المباهلة إلا أمير المؤمنين عليه السلام فقد ثبت أنه نفسه التي عناها اللَّه تعالى في كتابه و جعل حكمه ذلك في تنزِيله قال فقال المأمون إذا ورد الجواب سقط السؤال.[5]

فالنفسية الواردة في الآية الكريمة تقتضي ثبوت كل الصفات والكمالات والخصوصيات التي في النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام خلا ما خرج بالدليل كالنبوة فإنه لا نبي بعده صلى الله عليه وآله كما دلت عليه النصوص، وعليه علي عليه السلام أفضل الخلق بعده صلى الله عليه وآله، ويقبح عند كافة العقلاء أن يتولى أمور أمة النبي بعده فيما يتعلق بدينها ودنياها من لا أفضلية له ولا شرف له، فانحصر كون الفاضل مقدم على المفضول، وبه يثبت أن الإمامة والولاية بعد النبي محمد صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام.

______

المصادر:

[1] الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، الشيخ ناصر مكارم الشيرازي، ج٢، ص٥٢٤.

[2] سورة آل عمران، الآية61.

[3] مجموع الفتاوى، ابن تيمية، ج4، ص419.

[4] ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق، ج٣، ص٩٠.

[5] الفصول المختارة، الشيخ المفيد، ص38

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
10 + 6 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.