قصص القرآن الكريم ذات العبر هي عين الواقع و لا تحتوي على ادنى انحراف عن الواقع ، و لهذا السبب يكون تأثيرها كبيرا جد في مجتمع الاسلامي ومنها قصة قوم يونس لها عبر وتأثير بالمجتمع الاسلامي في هذه الوجيزه نذكر القصة وعبرها
![قصة قوم يونس و عبرها قصص قرآنية](https://btid.org/sites/default/files/media/image/houdal-kor2an6-15.jpg)
لا شك في أنّ جماعات كثيرة من الأقوام السالفة آمنوا ، إلّا أنّ الذي يميز قوم يونس هو أنّهم آمنوا بأجمعهم دفعة واحدة، و كان ذلك قبل حلول العقاب الإلهي الحتمي، في حين أنّ جماعة كبيرة من بين الأقوام الأخرى بقوا على مخالفتهم و عنادهم حتى صدر القرار الإلهي بالعذاب الحتمي ولهذا نفع قوم يونس ايمانها کما قال الله -جل جلاله-:
(فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إيمانُها إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ مَتَّعْناهُمْ إِلى حين)[1]
قصة يونس عليه السلام:
علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن جميل، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): «ما رد الله العذاب إلا عن قوم يونس، و كان يونس يدعوهم إلى الإسلام فيأبون ذلك، فهم أن يدعو عليهم، و كان فيهم رجلان: عابد، و عالم، و كان اسم أحدهما تنوخا ، و الآخر اسمه روبيل، فكان العابد يشير على يونس بالدعاء عليهم، و كان العالم ينهاه، و يقول: لا تدع عليهم، فإن الله يستجيب لك، و لا يحب هلاك عباده. فقبل قول العابد، و لم يقبل قول العالم، فدعا عليهم، فأوحى الله عز و جل إليه: يأتيهم العذاب في سنة كذا و كذا، في شهر كذا و كذا، في يوم كذا و كذا.
فلما قرب الوقت خرج يونس من بينهم مع العابد و بقي العالم فيها، فلما كان في ذلك اليوم نزل العذاب، فقال العالم لهم: يا قوم، افزعوا إلى الله فلعله يرحمكم و يرد العذاب عنكم. فقالوا: كيف نصنع؟ قال: اجتمعوا و اخرجوا إلى المفازة، و فرقوا بين النساء و الأولاد، و بين الإبل و أولادها، و بين البقر و أولادها، و بين الغنم و أولادها، ثم ابكوا و أدعوا. فذهبوا و فعلوا ذلك، و ضجوا و بكوا، فرحمهم الله و صرف عنهم العذاب، و فرق العذاب على الجبال، و قد كان نزل و قرب منهم.
فأقبل يونس لينظر كيف أهلكهم الله، فرأى الزارعين يزرعون في أرضهم، قال لهم: ما فعل قوم يونس؟ فقالوا له، و لم يعرفوه: إن يونس دعا عليهم فاستجاب الله له، و نزل العذاب عليهم، فاجتمعوا و بكوا و دعوا فرحمهم الله، و صرف ذلك عنهم، و فرق العذاب على الجبال، فهم إذن يطلبون يونس ليؤمنوا به.
فغضب يونس، و مر على وجهه مغاضبا، كما حكى الله تعالى، حتى انتهى إلى ساحل البحر، فإذا سفينة قد شحنت، و أرادوا أن يدفعوها، فسألهم يونس أن يحملوه فحملوه، فلما توسطوا البحر بعث الله حوتا عظيما، فحبس عليهم السفينة من قدامها، فنظر إليه يونس ففزع منه، و صار إلى مؤخر السفينة فدار إليه الحوت و فتح فاه،فخرج أهل السفينة، فقالوا: فينا عاص. فتساهموا فخرج سهم يونس، و هو قول الله عز و جل: فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ فأخرجوه فألقوه في البحر، فالتقمه الحوت و مر به في الماء[2].
العبرة من قصة قوم يونس :
أولاً: ألا نقطع الأمل بالآخرين، فالناس بين يدي رحمة الله عز وجل.. فأهل نينوى، نجاهم الله من العذاب، بعد توبتهم وإيمانهم.
ثانيا:إنّ القصّة أعلاه تبيّن بصورة ضمنية مدى تأثير القائد الواعي الرشيد الحريص في القوم أو الأمّة، في حين أن العابد الذي لا يمتلك الوعي الكافي يعتمد على الخشونة أكثر، و هكذا يفهم من هذه الرّواية منطق الإسلام في المقارنة بين العبادة الجاهلة. و العلم الممتزج بالإحساس بالمسؤولية.
المصادر:
[1] -سورة يونس 98
[2] - البرهان في تفسير القرآن، ج3، ص: 58