العلم والثقافة في عصر الإمام الباقر

إن ظهور المذاهب الكلامية، ووجود علماء الديانات الأخرى بين المسلمين، واطلاع المسلمين على آراءهم، وظهور الخلافات الفقهية، يمكن عدّه من الأحداث العلمية المهمة في عصر الإمام الباقر عليه السلام.

في هذا العصر روّج المنحرفون بحث القضاء والقدر، ونشر أهل الغلو أفكارهم بالروايات الموضوعة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى جدد الإمام الباقر عليه السلام الأساس الإسلام النقي ونفض عنه غبار الشبهات وحارب الأفكار المستوردة والزنادقة، وأظهر حقيقة الإسلام. كما أنه بواسطة تأسيس مدرسة علمية ضخمة، أوقف الانحرافات الفكرية والثقافية في المجتمع.

إن هذه الحركة العلمية والثقافية الضخمة للإمام محمد الباقر عليه السلام في أواخر القرن الأول وأوائل القرن الثاني الهجري لم تكن غير مسبوقة؛ لأنه لو سمحت الفتن والأزمات السياسية بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله، لبدأت هذه الحركة العلمية والثقافية الضخمة من نفس الوقت، لكن الأحداث السياسية والصراعات العرقية والدينية الواسعة النطاق، أخرت هذا الجهد العلمي إلى زمن الإمامين الباقر والصادق عليهما السلام.

الإمام الباقر يقترح ضرب العملات الإسلامية

ومن أعمال الإمام الباقر عليه السلام الثقافية الهامة، اقتراح ضرب السكة. ففي كتاب حياة الحيوان: أن ملك الروم هدّد بالإساءة إلى نبي الإسلام بالنقش على السكة الرومية، فحار عبد الملك و"جمع أهل الإسلام واستشارهم، فلم يجد عند أحد منهم رأيا يعمل به، فقال له روح بن زنباع: إنك لتعلم المخرج من هذا الأمر ولكنك تتعمد تركه، فقال: ويحك من؟

فقال: عليك بالباقر من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم! قال: صدقت، فكتب إلى عامله بالمدينة أن أشخص إلى محمد بن علي بن الحسين مكرما، فلما وافاه، أخبره الخبر، فقال له محمد رحمه الله تعالى: لا يعظم هذا عليك، فإنه ليس بشيء من جهتين: إحداهما أن الله عز وجل، لم يكن ليطلق ما تهدد به صاحب الروم، في رسول الله صلى الله عليه وسلم، والأخرى وجود الحيلة فيه. ثم أشار الإمام الباقر عليه السلام طريقة ضرب السكتين من الذهب والفضة.[1]

المصدر:

[1] . حياة الحيوان الكبرى، الدميري، ج 1، ص 96.