ظاهرة التحريف في كتب العامة

18:26 - 2024/06/10

يلاحظ المتتبع التحريف والتلاعب الواضح في كتب السنة لبعض الروايات التي تهدم استدلالاتهم على ما يعتقدون.  

ظاهرة التحريف في كتب العامة

إذا طالع الباحث بتمعن تأليفات أهل السنة يجد العجب العجاب من ناحية التحريف زيادة أو نقصانا، فلا تخلوا روايتهم للأحاديث والأخبار، أو نقلهم للقضايا والحوادث التي لها علاقة بأهل البيت عليهم السلام من ذلك. ومن هنا فإن اللازم والواجب على المرء المؤمن أن يتسلح بسلاح العلم والفهم  الصحيح، العميق، والدقيق لعقيدته ودينه، ليحصن نفسه أمام تدليس وتحريف  أعداء المدرسة المحمدية الأصيلة، زيادة على أنه -أعني المؤمن- إذا كان في مقام الإفهام لعقيدته الحقة ومفاهيمها الرفيعة؛ يكن في بصيرة من أمره.

شواهد من التحريف في كتب السنة

إن لعلماء السنة وباحثيهم أساليب عديدة في رد ما يتعلّق بأهل البيت عليهم السلام، وكل ما يستدل به الإمامية في بحوثهم. فأوّل شيء نراه في كتبهم أنّهم يغفلون الخبر ، ويحاولون التعتيم عليه وعدم نقله وعدم نشره ، ولذا نرى أنّ كثيراً من الأخبار الصحيحة بأسانيدهم غير مخرّجة في الصحيحين ، أو الصحاح الستّة من كتبهم ، فأوّل محاولة منهم هي إغفال الأخبار الصحيحة التي يستند إليها الشيعة فلا ينقلونها.

وإذا نقلوا حديثاً يحرفون الكلم عن موضعه. فتارة ينقلون الحديث مبتوراً وينقصون منه محلّ الإستدلال ومورد الحاجة ، وتارة يبهمون في ألفاظه ، فيرفعون الاسماء الصريحة ويضعون في مكانها كلمة فلان إبهاماً للأمر. وتارة يحذفون من الخبر ويضعون في مكان المقدار المحذوف كلمة كذا وكذا.

السنة

وتارة نراهم يصحفون الألفاظ. فإن لم يمكنهم التلاعب بمتنه ، انبروا للطعن في سنده ، وحاولوا تضعيف الحديث أو تكذيبه. فإن لم يمكنهم ذلك أيضاً ، وضعوا في مقابله حديثاً آخر وادّعوا المعارضة بين الحديثين. وهذه أساليبهم.

هذا بشكل مجمل، أما لو أخذنا مثالا على ذلك؛ فإننا نجد أن شيخ القوم مسلم روى في صحيحه حديثا ، ونفس الحديث رواه البخاري أيضا في صحيحه، لكن بأسلوبه الخاص أعني التحريف في الرواية، والأمر كالتالي: 

عند مسلم في حديث طويل يقول : "ثمّ نشد (أي عمر بن الخطاب)عبّاسا وعليا بمثل ما نشد به القوم أتعلمان ذلك ؟ قالا : نعم ، قال : فلمّا توفي رسول الله صلى الله عليه وآله قال أبوبكر : أنا ولي رسول الله ، فجئتما تطلب ميراثك من ابن أخيك ، ويطلب هذا ميراث امرأته من أبيها ـ يعني علي والعباس ـ فقال أبوبكر : قال رسول الله : ما نورّث ما تركنا صدقة ، فرأيتماه ـ عمر يقول لعلي والعباس ـ فرأيتماه ، أي فرأيتما أبابكر كاذباً آثماً غادراً خائناً ، ثمّ يقول عمر : والله يعلم إنّه لصادق بارّ راشد تابع للحقّ ، ثمّ توفّي أبوبكر وأنا ولي رسول الله وولي أبي بكر ، فرأيتماني كاذباً آثماً غادراً خائناً ، والله يعلم إنّي لصادق بارّ راشد تابع للحقّ ...[1] إلى آخر الحديث.

والآن لننظر في موضع من صحيح البخاري؛ نجد أن الأمر اختلف؛ فيقول: " قال لعلي وعباس (يعني عمر) أنشدكما بالله هل تعلمان ذلك قالا نعم ثم توفى الله نبيه صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر انا ولى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبضها أبو بكر يعمل فيها بما عمل به فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنتما حينئذ واقبل على علي وعباس تزعمان ان أبا بكر كذا وكذا والله يعلم أنه فيها صادق بار راشد تابع للحق...[2] إلى آخر الحديث.

فكما يظهر من فقرة الحديث عند البخاري: "تزعمان أن أبا بكر كذا وكذا"، بينما عند مسلم "فرأيتماه كاذبا آثما غادرا خائنا"، فأين هذا من ذاك؟، حيث تم تحريف الرواية وليها واستبدال بعض عباراتها بكذا وكذا، رغم أن الحديث واحد، والقضية واحدة، والراوي واحد.

هذا مثال سقناه من الرواية سريعا دون أن نقف على كل ما أورده البخاري من تحريف لنفس هذه الرواية في مواضع مختلفة من صحيحه، فضلا عن غيرها من الروايات والأخبار هو وغيره من مشايخ وعلماء ومصنفي أهل السنة. والتوسع في هكذا مطلب يحتاج إلى مؤونة زائدة هنا ليس محلها، ونحن إنما نتطرق لمثل هكذا مواضيع لكي تكون محركا للبحث عند كل طالب للحقيقة يقف على هكذا مطالب. فراجع

________

المصادر:

[1] صحيح مسلم، ج5، ص152.

[2] صحيح البخاري، ج٦، ص١٩١.

مصدر المقال: التّحريفات والتّصرّفات في كتب السنّة، السيد علي الحسيني الميلاني. بتصرف.

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
12 + 8 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.