ميزات نعم الجنة

21:49 - 2016/06/05

الملخص: نعلم أن البساتين التي تفتقد الماء الدائم و تسقى بين حين و حين ليس لها حظ كبير من النضارة، فالنضارة تطفح على البساتين التي تمتلك ماء سقي دائم مستمر لا ينقطع أبدا. و مثل هذه البساتين لا يعتريها جفاف و لا تهددها شحة ماء. هذه هي بساتين الجنّة.

الجنة, الجنان, نعم

 إن الله عز ذكره يقول: «و بشّر الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَ عَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لهُمْ جَنَّاتٍ تجرِى مِن تحتِهَا الْأَنْهَار» [البقرة، 25] و قبل الخوض في توضيح الآية لابد من تقدمة تشتمل على ثلاثة أمور:
1. التبشیر الإخبار بما يظهر سرور المخبر به فهو أخص من الخبر.
2. المقصود من الجنة البستان من النخل و الشجر و أصلها من الستر فكأنها لكثافتها و التفاف أغصان أشجارها سميت بالجنة.
3. إسناد الجري إلى الأنهار مجازي لأنها أمكنة للمياه و ليست جارية و إنما الماء يجري و هذا كقولهم «جرى الميزاب» و يستخدم هذا الأسلوب فيما إذا كان الماء غزيرا جدا.
 هذا، نعلم أن البساتين التي تفتقد الماء الدائم و تسقى بين حين و حين ليس لها حظ كبير من النضارة، فالنضارة تطفح على البساتين التي تمتلك ماء سقي دائم مستمر لا ينقطع أبدا. و مثل هذه البساتين لا يعتريها جفاف و لا تهددها شحة ماء. هذه هي بساتين الجنّة.
و بعد الإشارة إلى ثمار الجنّة المتنوعة تقول الآية: «كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ» [البقرة، 25]. ذكر المفسرون لهذا المقطع من الآية تفاسير متعددة:
قال بعضهم: المقصود من قولهم: هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ هو أن هذه النعم أغدقت علينا بسبب ما أنجزناه من عمل في الحياة الدنيا، و غرسنا بذوره من قبل.
و قال بعض آخر: عند ما يؤتى بالثمار إلى أهل الجنّة ثانية يقولون: هذا الذي تناولناه من قبل، و لكنهم حين يأكلون هذه الثمار يجدون فيها طعما جديدا و لذّة اخرى، فالعنب أو التفاح الذي نتناوله في هذه الحياة الدنيا مثلا له في كل مرّة نأكله نفس طعم المرّة السابقة، أمّا ثمار الجنّة فلها في كلّ مرّة طعم و إن تشابهت أشكالها و هذه من امتيازات ذلك العالم الذي يبدو أنه خال من كل تكرار!
و قال آخرون: المقصود من ذلك أنهم حين يرون ثمار الجنّة يلقونها شبيهة بثمار هذه الدنيا فيأنسون بها و لا تكون غريبة عليهم ولكنهم حين يتناولونها يجدون فيها طعما جديدا لذيذا.
و يجوز أن تكون عبارة الآية متضمنة لكل هذه المفاهيم و التفاسير، لأن ألفاظ القرآن تنطوي أحيانا على معان كما أن هناك أخبارا جمة تدل على أن للقرآن سبعة معان طولية أو سبعين حسب اختلاف الأفهام [الكافي، ج2، ص599]. و غير خفي أنه يسوغ استعمال اللفظ في أكثر من معنى و الكلام في محله.
ثم تقول الآية: «وَ أُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً» [البقرة، 25] أي متشابها في الجودة و الجمال. فهذه الثمار بأجمعها فاخرة بحيث لا يمكن ترجيح إحداها على الأخرى، خلافا لثمار هذا العالم المختلفة في درجة النضج و الرائحة و اللون و الطعم. و آخر نعمة تذكرها الآية هي نعمة الأزواج المطهرة من كل أدران الروح و القلب و الجسد.
أحد منغّصات نعم الدنيا زوالها، فصاحب النعمة يقلقه زوال هذه النعمة و من هنا فلا تكون هذه النعم عادة باعثة على السعادة و الاطمئنان. أمّا نعم الجنّة ففيها السعادة و الطمأنينة لأنها خالدة لا يعتريها الزوال و الفناء. و إلى هذه الحقيقة تشير الآية في خاتمتها و تقول: «وَ هُمْ فِيها خالِدُونَ» [البقرة، 25].

لمزيد الاطلاع راجع:
1.«تفسير جوامع الجامع»، الطبرسي، الفضل بن الحسن، طهران، جامعة طهران و الحوزة العلمية بقم، الطبعة الاولى، 1377ش، ج1، ص31.
2. .«الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل»، مکارم الشيرازي، ناصر، قم، مدرسة الإمام علي بن أبي طالب، الطبعة الاولى، 1421ق، ج‏1، ص: 124.

كلمات دلالية: 

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
4 + 2 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.