السفور أكثر إبتهاجا!

21:13 - 2017/02/28

اللذة والبهجة من جملة الكلمات التي يُطبّقها الكثير من الناس على اللذة الجنسية فقط؛ ولكن الدين القيم يقول أن اللذة والمرح والبهجة الحسية تُعدّ أدنى مراتب اللذات؛ ولهذا يدعو الإنسان إلى تحصيل اللذات العلیا مرتبة ومكانة.

الحجاب, السفور, البهجة و المرح

من جملة التعاليم الدينية التي يمكن القول بأنها مشتركة في جميع الأديان الإلهية، مسألة الحجاب. بخلاف تصور البعض الذين يرون الحجاب منحصرا في التعاليم الإسلامية، فإن سائر الأديان أيضا تعرضت لمسألة الحجاب. ولو أن شيعة هذه الأديان يفضلون السفور والتعرّي على الستر والحجاب، إلا أن طريقة عمل الناس المنتجة عن سوء قرارهم، لا يُعد دليلا على ما جاء في تعاليم دينهم الذي ينتمون إليه؛ وذلك لأجل أن الدين لايكون منفعلا بتصرف أتباعه بل بالعكس فإن الدين هو الذي يخط طريقة التصرف ويُعين للناس درب الهداية.

أهمية الحجاب
الحجاب والستر من جملة الأمور التي تحفظ كرامة الإنسان. الله تبارك وتعالى أنعم على الإنسان باللباس والستر في جملة أنعمه جل وعلى؛ فقال:
يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَ رِيشًا [1]
وشرع قانون الستر والحجاب إستحكاما لشوق النساء الداخلي إلى الحجاب لكي يتم حفظ الجوهرة الوجودية للمرأة؛ فيُحفظ المجتمع من السقوط في دوّامة الفساد والضياع في إثر ذلك.

ردا على أنه لماذا يهتم الإسلام بمسألة الحجاب أكثر من سائر الأديان، يقول العالم الشهيد مرتضى مطهري (رحمه الله):
«إن الرغبة إلى الإستعراض والتجمل من خصائص النساء. في باب تصاحب القلوب، إن الرجل يُعد صيدا والمرأة صيادة؛ كما أنه في تصاحب البدن والجسم، يُعد الرجل صيادا والمرأة صيدا. فميل المرأة إلى التجمل ينشأ من كونها صيادة. لم يُر في أي مكان من العالم أنه سبق وإرتدى رجل، ملابس خاصة بالنساء أو أنه تجمّل كالنساء. فهذه المرأة التي بحكم الطبيعة الخاصة بها تريد أن تكون عشيقة الرجل فتحبسه في محبس حبها. إذا الفساد والإنحراف في التبرج والتعري يُعد من جملة الإنحرافات الخاصة بالنساء والأمر بالستر والحجاب أيضا صادر في حقهن.» [2]

شبهات حول الحجاب والإبتهاج
أما الأسئلة الذي تطرح هاهنا هي أنه هل الناس الذين لايهتمون بحجابهم وسترهم، أكثر إبتهاجا من الذين يلتزمون بحجابهم وعفتهم؟ وعليه؛ هل الحجاب يُعد مانعا أمام اللذة ومرح وإبتهاج النساء أم لا؟
هل يريد الدين أن يجعل أتباعه حُزناء ورَجعيين؛ وقد فطن لهذه المسألة بعض الناس الذين يتمتعون بقوة العقل في ظاهر الأمر، فتركوا الحجاب وأهملوه؟

الرد على هذه الشبهة
من أجل الإجابة على هذه الإشكالات يجب أن نقول أن هذه المسألة لم تطرح في باب الحجاب وحسب، بل يمكن طرحها في جميع أبواب ومسائل الدين؛ بأن الدين يريد أن يحرم الإنسان من اللذة كذا وكذا بحكمه هذا. فمثلا يمكن القول أن الدين بتحريمه الزناء ووضعه العقوبات الصعبة على من يرتكب هذا العمل القبيح، في الواقع يمنع المسلمين من الحرية في المسائل الجنسية؛ وبنفيه اللواط، منع أتباعه من الشذوذ الجنسي و... .
أما أن يقال أن إهمال الدين يسبب الإبتهاج للإنسان والإلتزام بالدين يجعل الإنسان كئيبا، فهذا القول بالمزاح والفكاهة أشبه منه في الجِدّ والواقعية. ولكن لو أردنا الكشف عن سبب قول البعض هذا، فدليله أنهم لم يفهموا معنى الدين ولا معنى الإبتهاج والمرح. فهم يرون الفرح والمرح في حرية أبدانهم؛ أي أن يلبسوا كل ما يحلوا لهم ويفعلوا كل ما يريدون فعله؛ ويعتقدون أن هذا الأمر يبعث على توفير حَظّهم. فكم يجب لوم البشر على قِصَر فكره هذا؟

أنواع اللذة والإبتهاج
يجب أن نعلم أن حرية الروح أهم من حرية البدن؛ وكل من يقوم بعرض نفسه للغير مجانا ويسمي فعلته هذه حرية، في واقع الأمر قد عمل على تقييد روحه فجعلها أسيرة.

الملاحظة التالية هي أنه ياتُرى هل اللذة منحصرة في اللذة المادية هذه؟ فهذه اللذة تُعد من أقل اللذات مرتبة؛ فالأفضل منها، اللذة الخيالية والأعلى منهما، اللذة العقلية. من الطبيعي أن من لاتصل يده إلى المراتب العالية من اللذة فلايستطيع تصورها، يظن أن اللذة منحصرة باللذة المادية وحسب.
يريد الدين إلى جانب حفظ  الظاهر والقِيم الإنسانية بتعاليمه، أن يدعو الإنسان إلى اللذة والنشاط العقلي؛ فلايهتم الناس باللذات القصيرة الأمد والموقّتة.
من البديهي أن أولئك الذين لايعيرون أي إنتباه إلى تعاليم الدين، لايعون هذا الأمر جيدا بأن يكون للعمل بالتعاليم الدينية لذة. يجب أن يكون الإنسان مؤمنا لكي يعي هذه الحقيقة.

هل يتمكن أحد من قبول أن للموت لذة أيضا؟! فالكل يهربون من الموت؛ ولكن الدين يقول: «فَمَا شَيْ‏ءٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنِ اسْتِلَالِ رُوحِهِ وَ اللُّحُوقِ بِالْمُنَادِي» [3]
كما يعبر سماحة آية الله جوادي الآملي عنه بما يلي:
هذا الموت المملوء بالآلام، أكبر لذة للمؤمن. لأن الإنسان بمشاهدته أهل البيت (عليهم السلام)، يكون غافلا عن كل بدنه. عندما يلفت نظر الإنسان شيء، يغفل عن بدنه. لذا ليس هناك لذة أكبر من الموت. ولكن لو فكر الإنسان بصورة بدنية ومات بصورة بدنية، فليس هناك ألم أكبر من الموت. [4]

النتيجه

عندما نشرع بالكلام حول كلمات كالبهجة والدين، يجب أن نُبيّن معنى هذه الكلمات بداية ثم نذكر العلاقة بين هاتين الكلمتين. وعندما يتم هذا العمل بصورة صحيحة ومن دون أغراض وأهداف مادية، فمن البديهي أن النتيجة لن تكون مخالفة الدين مع الإبتهاج والسرور أبدا. بل الدين يدعو الإنسان إلى أكبر لذة؛ فلذا ببرامجه وتعاليمه يريد أن يهيأ الأرضية اللازمة لكمال الإنسان وذلك من أجل أنه ليس للإنسان لذة أكبر من الوصول إلى الكمالات العليا.
نعم، من الممكن أن يحصل أولئك الذين ليس لهم أي دين أيضا على بعض الإبتهاجات، ولكن كما أشرنا، في الحقيقة هذه الإبتهاجات واللذات تُعد لذات حسية وهي أقل اللذات مرتبة وأقصرها أمدا.

المصادر
[1] الأعراف،26
[2] مرتضى المطهري، مجموعة الآثار، ج 19، ص 436
[3] الکليني، الكافي ج3، ص127
[4] http://www.hawzah.net/fa/goharenab/View/146

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
2 + 8 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.