الدليل العلميّ على وجود الامام المهدي

12:12 - 2022/03/17

-إن الدليل العلمي يتكوّن من تجربة عاشتها أمّة من الناس فترة امتدّت سبعين سنة تقريباً وهي فترة الغيبة الصغرى.

الدليل العلميّ على وجود الامام المهدي

لتوضيح الدليل العلمي على وجود الامام، فابتداءً نمهد بإعطاء فكرة موجزة عن الغيبة الصغرى.[1]

إنّ الغيبة الصغرى تعبّر عن المرحلة الأولى من إمامة القائد المنتظر عليه الصلاة والسلام، فقد قدّر لهذا الإمام منذ تسلّمه للإمامة أن يستتر عن المسرح العام ويظلُّ بعيداً باسمه عن الأحداث، وإن كان قريباً منها بقلبه وعقله، وقد لوحظ أنّ هذه الغيبة، إذا جاءت مفاجئة، حقّقت صدمة كبيرة للقواعد الشعبية للإمامة في الأمة الإسلامية، لأنّ هذه القواعد كانت معتادة على الاتّصال بالإمام في كلّ عصر، والتفاعل معه والرجوع إليه في حلّ المشاكل المتنوّعة.

فإذا غاب الإمام عن شيعته فجأة وشعروا بالانقطاع عن قيادتهم الروحية والفكرية، سبّبت هذه الغيبة المفاجئة الإحساس بفراغ دفعي هائل قد يعصف بالكيان كلّه ويشتّت شمله، فكان لابدّ من تمهيد لهذه الغيبة، لكي تألفها هذه القواعد بالتدريج، وتكيّف نفسها شيئاً فشيئاً على أساسها، وكان هذا التمهيد هو الغيبة الصغرى التي اختفى فيها الإمام المهديّ عن المسرح العام، غير أنه كان دائم الصلة بقواعده وشيعته عن طرق وكلائه ونوّابه، والثقات من أصحابه الذين يشكّلون همزة الوصل بينه وبين الناس المؤمنين بخطه الإمامي.[2]

وقد شغل مركز النيابة عن الإمام في هذه الفترة أربعة ممّن أجمعت تلك القواعد على تقواهم وورعهم ونزاهتهم التي عاشوا ضمنها.

وهم كما يلي: 1 - عثمان بن سعيد العمريّ. 2 - محمد بن عثمان بن سعيد العمريّ. 3 - أبوالقاسم الحسين بن روح. 4 - أبوالحسن عليّ بن محمد السمريّ.

وكان السمّريّ هو آخر النواب، فقد أعلن عن انتهاء مرحلة الغيبة الصغرى التي تتميز بنوّاب معيّنين، وابتداء الغيبة الكبرى التي لايوجد فيها أشخاص معيّنون بالذات للوساطة بين الإمام القائد والشيعة، وقد عبّر التحوّل من الغيبة الصغرى إلى الغيبة الكبرى عن تحقيق الغيبة الصغرى لأهدافها وانتهاء مهمتها، لأنها حصّنت الشيعة بهذه

العملية التدريجية عن الصدمة والشعور بالفراغ الهائل بسبب غيبة الإمام، واستطاعت أن تكيّف وضع الشيعة على أساس الغيبة، وتعدّهم بالتدريج لتقبّل فكرة النيابة العامة عن الإمام.

وبهذا تحولت النيابة من أفراد منصوصين  إلى خطّ عام مصطلح عليه بالمرجعيّة الدينيّة، وهو خط المجتهد العادل البصير بأمور الدنيا والدين تبعاً لتحوّل الغيبة الصغرى إلى غيبة كبرى.

والآن بإمكانك أن تقدّر الموقف في ضوء ما تقدم، لكي تدرك بوضوح أنّ المهديّ حقيقة عاشتها أمة من الناس، وعبّر عنها السفراء والنواب طيلة سبعين عاماً من خلال تعاملهم من الآخرين، ولم يلحظ عليهم أحدٌ كلّ هذه المدة تلاعباً في الكلام، أو تحايلاً في التصرف، أو تهافتاً في النقل. فهل تتصور - بربّك - أنّ بإمكان أكذوبة أن تعيش سبعين عاماً، ويمارسها أربعة على سبيل الترتيب كلهم يتّفقون عليها، ويظلّون يتعاملون على أساسها وكأنها قضية يعيشونها بأنفسهم ويرونها بأعينهم دون أن يبدر منهم أي شيء يثير الشكّ، ودون أن يكون بين الأربعة علاقة خاصة متميزة تتيح لهم نحواً من التواطؤ، ويكسبون من خلال ما يتّصف به سلوكهم من واقعية ثقة الجميع، وإيمانهم بواقعية القضية التي يدّعون أنهم يحسّونها ويعيشون معها؟!

لقد قيل قديماً: إنّ حبل الكذب قصير، ومنطق الحياة يثبت أيضاً أنّ من المستحيل عمليّاً بحساب الاحتمالات أن تعيش أكذوبة بهذا الشكل، وكلّ هذه المدّة، وضمن كلّ تلك العلاقات والأخذ والعطاء، ثمّ تكسب ثقة جميع من حولها.

وهكذا نعرف أنّ ظاهرة الغيبة الصغرى يمكن أن تعتبر بمثابة تجربة علمية لإثبات ما لها من واقع موضوعيّ، والتسليم بالإمام القائد بولادته وحياته وغيبته، وإعلانه العام عن الغيبة الكبرى التي استتر بموجبها عن المسرح ولم يكشف نفسه لأحد.

المصادر:

[1] - الغيبة الصغرى / السيد محمد الصدر

[2] - دفاع عن الكافي / السيد ثامر العميدي ج1،ص 568

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
7 + 8 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.