مما استشكل به على اتباع اهل البيت عليهم السلام اقامة بعض الشعائر مثل اللطم ، فقالوا: انه ممنوع لورود النهي عنه في كلمات اهل البيت عليهم السلام.
إقامة الشعائر الحسينية و مشروعيتها
قالوا إن الإمام الحسين « عليه السلام » نهى النساء في ليلة العاشر من المحرم عن خمش الوجوه ، وعن لطمها ، وعن شق الجيوب . .
إن ما قيل في هذا الباب جاء توضيحه في ما رواه السيد ابن طاووس ، حيث قال : فلطمت زينب عليها السلام على وجهها ، وصاحت ، فقال لها الإمام الحسين عليه السلام : « مهلاً ، لا تشمتي القوم بنا . . » [1].
كما جاء توضيحه في ما روي من أنه عليه السلام قد قال للنساء في وداعه الثاني : « فلا تشكوا ، ولا تقولوا بألسنتكم ما ينقص من قدركم . . » [2].
مستند جواز إقامة الشعائر
والجواب: إنّ المفهوم من هذه النصوص أن إقامة الشعائر مثل لطم الوجوه إذا كان ينقص من قدرهن ، أو يشمت به وبهن الأعداء ، فإن عليهن أن يمتنعن عنه .
وأما إذا كانت تلك الشعائر تعبيراً عن الأسى ، وكانت موجبة لإظهار المظلومية ، وإدانة المجرمين ، فلا شيء يمنع من إقامتها ، بل إقامة تلك الشعائر مستحب ومطلوب ، حسبما ورد، فعن أبي عبد الله الصادق عليه السلام : « ولقد شققن الجيوب ، ولطمن الخدود الفاطميات على الحسين بن علي . وعلى مثله تلطم الخدود ، وتشق الجيوب » .
وفي الجواهر : أن حديث لطم الفاطميات متواتر ، ونقله رحمه الله عن ابن إدريس أيضاً .[3]
كما روي بسند صحيح عن الإمام الصادق عليه السلام ، أن النبي صلى الله عليه وآله ، لم يعترض على نساء الأنصار فيما فعلن في أنفسهن بعد قضية أحد ، حيث إنهن « قد خدشن الوجوه ، ونشرن الشعور ، وجززن النواصي ، وخرقن الجيوب ، وحزمن البطون على النبي صلى الله عليه وآله ، فلما رأينه قال لهن خيراً ، وأمرهن أن يستترن ، ويدخلن منازلهن . . ».[4]
وفي زيارة الناحية المقدسة : « ولأبكينك بدل الدموع دماً ، حسرة عليك ، وتأسفاً على ما دهاك ، حتى أموت بلوعة المصاب ، وغصة الإكتئاب ».[5]
اذن اتضح : أنه لا مانع من الناحية الشرعية ، من ممارسة هذه الأساليب في إحياء أمرهم عليهم السلام ، إلا في المواضع التي توجب شماتة الأعداء ، أو إنقاص القدر أو المهانة ، أو غير ذلك من الآثار المبغوضة للشارع .
وأما إذا أوجبت زيادة التعلق بالإمام الحسين عليه السلام ، وشدة الكراهية للظلم وللظالمين ، والربط على قلوب المؤمنين ، وإحياء أمرهم صلوات الله عليهم ، فإن مشروعيتها تصبح في غاية الوضوح . .
المصادر
[1] . اللهوف ط صيدا ، ص 51 ، والبحار، ج 44 ، ص 391 .
[2] . مقتل الحسين للسيد عبد الرزاق المقرم رحمه الله ، ص 337.
[3] . تهذيب الأحكام، ج 8 ، ص 325 ، وكشف الرموز، ج 2 ، ص 263.
[4] . الكافي، ج 8 ، ص 318 ، والبحار، ج 20 ، ص 107 – 109.
[5] . المزار الكبير، ص 171 ، ومصباح الزائر، ص 116 .