-إنّ قضية الغدير ليست كسائر القضايا التاريخيّة التي يضعف تأثيرها في حياة الناس كلّما مرّ الزمن ، وخفيت معالمها في أعماق التاريخ ، وإنّما هي على العكس من ذلك تماماً ، فإنها كلّما تقادم عليها العهد تصبح أبعد أثراً وأكثر مساساً بحياة الناس وسلوكهم ومواقفهم .
قضية الغدير والامامة
إنّ قضية الإمامة يكون الالتزام بها يعني التطبيق العمليّ لجميع التعاليم المنبثقة عنها سواء في أعظم الأشياء وأخطرها أم في أدقّ الأشياء وأصغرها .
إنّ قضية الغدير والامامة تعني العناية بتربية الإنسان تربية إلهيّة خالصة من كل الشوائب ، والتدخل المباشر في كل الشؤون الحياتيّة للإنسان ومختلف أطواره وحالاته وما يترتب على ذلك من تفريعات ، وهي بالتالي سوف تطبع سلوك هذا الإنسان وحياته ومفاهيمه وأفكاره وخصائصه بطابعها الخاص والمتميّز .
وعلى العكس من ذلك، فإنّ عدم الإلزام والالتزام بها ، أو الالتزام بما يختلف معها في الجوهر والمظهر سوف يكون له هو الاخر تأثيراته المختلفة التي ليس فقط لا تلتقي مع تلك ، بل قد تتعدى ذلك إلى أن تصادمها أيضاً وتترك المزيد من السلبيّات على حياة الإنسان وعلى مسيره نحو مصيره ، ولسوف تتضاعف هذه السلبيّات وتتكاثف على مرّ الزمن .
قضية الغدير والاحساس بخطورتها
ومن هنا ، ينبغي الاحساس بخطورة قضية الغدير التي هي في الحقيقة ، قضية الإمامة بمفهومها الصحيح أعني به ما أراده الله تعالى على لسان رسوله « صلى الله عليه وآله » يوم غدير خم ، وهي من ثمّ قضية الإنسان في مسيره إلى مصيره .
فلابد من إعادة الأمور إلى نصابها ، وإظهار الحقائق ، التي نالتها يد التحريف والتزييف ، - إظهارها بما لها من نقاء وصفاء - فهذا من واجب الواجبات ، وأعظم القربات ، لذا التصدّي لهذه القضية المهمة العظيمة، تستدعي أن نقدّم لها الكثير من جهودنا ووقتنا ، بإخلاص وسخاء وكرم عظيم .
وبذلك يكون ما قدّمناه في قضية الغدير خدمة كبرى للإسلام وللإنسان . .
إن الساعي في مسير قضية الغدير يكون قد وضع أساساً قويّاً للوحدة الإسلاميّة التي تقوم على أساس الحق ، ليكون هذا الحق هو الفيصل والمرجع في كل الأمور والمعضلات ، وبه تحلّ المشكلات وتذلل الصعاب ، ويحصل التفاهم في كل صغيرة وكبيرة .
فجزى الله تعالى من سعى في هذا المسير خير الجزاء وأوفاه خير الوفاء.
والحاصل ان قضية الغدير قضية تدعو الى الوحدة بين المسلمين ، والابتعاد عنها لا ينتج الا التنافر والتباعد بين المسلمين.