الناس عبيد الدنيا

جمّع الإمام الحسين (عليه السلام) أصحابه وأهل بيته وخاطبهم: النَّاسُ عَبیدُ الدنیا وَالدینُ لَعْقٌ عَلی الْسِنَتِهِمْ یحُوطُونَهُ ما دَرَّتْ مَعایشَهُمْ فَاذا مُحِّصُوا بِالْبَلاءِ قَلَّ الدَّیانُونَ.[1]

العبودية أعلى وسام يناله الإنسان فقد تزيّن النبي (صلى الله عليه وآله) بهذا الوسام الشريف حيث نشهد له في كل صلاة أنه عبد الله ورسوله، فالعبودية الحقيقية والتذلل هو لله تبارك وتعالى فحسب ولم تكن عبودية لغير الله، ولكن الإنسان بسبب تصرفاته يصبح عبداً من عبيد الدنيا وتكون الدنيا أكبر همّه.

نعم، الدين لعق على لسانه ومجرد لقلقة، فالدين مادام وفق مراده و دنياه فهو متمسك به وإلّا فالدين لا يمثّل له شيئاً.

أَبٌنّي إِنَّ مِنَ الرِجالِ بَهيمَةً                    في صورَةِ الرَجُلِ السَميعِ المُبصِرِ

فَطِنٌ بِكُلِّ رَزّيَةٍ في مالِهِ                         وَإِذا أُصيبَ بِدينِهُ لَم يَشعُرِ

الدنيا في قاموس الشريعة الإسلامية لم تكن مرفوضة بل هي وسيلة لنيل السعادة ورفع الحاجة التي هي من مقتضيات الحياة البشرية

كما قال لقمان لابنه: وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدنيا .[2] فالإنسان الواعي يتخذ الدنيا صراطاً لدار البقاء والجزاء فعن أميرالمؤمنين (عليه السلام): إنّ اللّهَ سبحانَهُ قد جَعَلَ الدنيا لِما بعدَها، وابتَلى فيها أهلَها، لِيَعلَمَ أيُّهُم أحسَنُ عَمَلاً، ولَسنا للدنيا خُلِقنا، ولا بالسَّعي فيها اُمِرنا[3] 

نعم، لم نأت لعمار الدنيا والركون إليها، والبشر كعابر سبيل والدنيا دار ممر، ولكن بعض البشر رضوا بالدون وباعوا حضهم كالجمع الهائل الذي وقف أمام الحسين (عليه السلام) وارتكبوا أبشع الجرائم حيث قتلوه وقتلوا أهل بيته وأصحابه وسبوا حرم رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فإنهم خسروا الدنيا والآخرة فبقوا عاراً على صفحات التأريخ.

المصادر:

[1] . بحار الأنوار، ج44، ص383.

[2] . القصص، الآية 77.

[3] . منتخب میزان الحکمه، ج۱،ص ۲٠۲.