من بركات الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله

البركة  من العطايا الإلهية السماوية التي لايحوزها من الله تعالى إلى الصادقون المطيعون لربهم، وكما قيل فإنها تجلي لثبوت الخير الإلهي في الشيء.[1]. وجمیع استعمالاتها فی القرأن الکریم على اختلاف صياغاتها فإنها لم تُسند إلا إلى الله تعالى، ومن ذلك قوله تعالى:ٍ {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ}[2]. وقوله تعالى:{ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ}[3]. وقوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}[4]. وقوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[5]. وغيرها من الآيات الدالة على أن البركة مصدرها الله سبحانه وتعالى وحده، وهو يجعلها في من يشاء.

ومن أبرز من أُعطي البركة الإلهية هو نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فقد كانت البركة والخيرأبرز سماته، فقد أُوتي البركة في كل شيء وهو مظهر لها في كل شيء، ورُوي عنه صلى الله عليه وآله وسلم كما في حديث أبي ذر أنه قال: "جُعِلَ فِيَ النُّبُوَّةُ وَالبَرَكَةُ".[6]  فقد كان علیه الصلاة والسلام وأله مشعلا للخير والبركة والنماء والزيادة أينما حل وارتحل. وهذا ما ملأ بطون الكتب وسارت به الركبان على مر العصور والأزمان.

أمثلة من البركة الإلهية للرسول الأكرم صلى الله عليه وآله:

نكر هنا بعض الشواهد المسطورة في كتب الحديث والتاريخ والسيرة للبرکات التی جرت علی ید النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ ومنها:

1. في حديث طويل يرويه زيد بن أرقم ورد فيه: "... ثم نظر النبي صلى الله عليه وآله إلى نخلة في جانب الدار فقال: "يا أبا الهيثم أتأذن لي فيها! قال: يا رسول الله إنها نخلة فحل لم تحمل قط شأنك وإياها. فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله تبارك وتعالى جاعل فيها خيرا كثيرا ثم قال النبي لعلي: يا علي ائتني بقدح ماء. فأتاه علي علیه السلام  بقدح من ماء فشربه النبي الآکرم صلى الله عليه وآله ثم مجه ثم رشه على النخلة فتدلت أعذاقا من بسر ورطب ما شئنا، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ابدؤا بالخيرات. قال فأكلنا وشربنا حتى شبعنا وروينا. فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: هذا النعيم الذي تسألون عنه يوم القيامة. ثم قال لعلي: تزود لمن وراءك لفاطمة والحسن والحسين. قال زيد بن أرقم: فكنا نسميها نخلة الخيرات.[7]

2. تكثيره الطعام الذي لا يشبع أكثر من عشرة بحيث أكل منه المهاجرون والأنصار، وكانوا أربعة آلاف وسبعمائة، وكان في الطعام سم فدفع الله غائلته ببركته صلى الله عليه وآله.[8]

3. لما نزل قوله تعالى: (وانذر عشيرتك الأقربين) جمعهم رسول الله صلى الله عليه وآله وهم أربعون رجلا، وأمر عليا أن ينضج لهم رجل شاة، وصاعا من طعام، فأطعمهم فأكلوا حتى صدروا، وبقي الطعام كما كان، وإن منهم لمن يأكل الجذعة، ويشرب الفرق، فأكلوا أجمعين.[9]. و"الفرق" بالتحريك: مكيال يسع ستة عشر رطلا وهي اثنا عشر مدا أو ثلاثة أصواع عند أهل الحجاز، وقيل: الفرق: خمسة أقساط، والقسط: نصف صاع، فأما الفرق بالسكون فمائة وعشرون رطلا قاله الجزري في النهاية.[10]

__________________

المصادر:

[1] مفردات ألفاظ القرآن، ج 1، ص119.

[2] سورة الأعراف، الآية96.

[3] سورة فصلت، الآية10.

[4] سورة الإسراء، الآية1.

[5] سورة النمل، الآية8.

[6] بحار الأنوار، ج٣٥، ص٣٤.

[7] مناقب أمير المؤمنين علیه السلام، ج١، ص٦٢.

[8] مستدرك سفينة البحار، ج1، ص 334.

[9] مستدرك سفينة البحار، ج1، ص335.

[10] بحار الأنوار، ج ١٨، ص٤٤.