يا أبتاه من ذا الذي أيتمني ...

12:58 - 2023/08/19

ذكرى استشهاد السيدة رقية بنت الإمام الحسين عليهما السلام، وثيقة من وثائق الإضطهاد والظلم الذي لحق بآل بيت النبي صلى الله عليه وآله.

کانت السيدة رقية من يوم استُشهد الحسين عليه السلام لم تره، فعظم ذلك عليها واستوحشت لأبيها، وكانت كلّما طلبَته يقولون لها: غداً يأتي ومعه ما تطلبين، إلى أن كانت ليلةٌ من الليالي رأت أباها بنومها، فلمّا انتبهَت صاحت وبكت وانزعجت، فهجّعوها وقالوا: لما هذا البكاء والعويل؟! فقالت: آتوني بوالدي وقرّة عيني، وكلّما هجّعوها ازدادت حزناً وبكاءً، فعظم ذلك على أهل البيت، فضجّوا بالبكاء وجدّدوا الأحزان، ولطموا الخدود.

فسمع يزيد صيحتهم وبكاءهم، فقال: ما الخبر؟ قالوا: إنّ بنت الحسين الصغيرة رأت أباها بنومها، فانتبهَت وهي تطلبه وتبكي وتصيح، قال: ارفعوا رأس أبيها وحطّوه بين يديها.

فجاؤوا بالرأس الشريف إليها مغطّىً بمنديلٍ، فوُضع بين يديها وكُشف الغطاء عنه، فقالت: ما هذا الرأس؟! قالوا لها: رأس أبيك. فرفعَته وهي تقول: يا أباه، مَن ذا الّذي خضّبك بدمائك؟!  يا أبتاه، مَن ذا الّذي قطع وريدك؟!  يا أبتاه، مَن ذا الّذي أيتمني على صِغَر سنّي؟!

ثم إنّها وضعت فمها على فمه الشريف، وبكت بكاءً شديداً حتّى غُشيَ عليها، فلمّا حرّكوها فإذا بها قد فارقَت روحُها الدنيا.[1]

رقية

كلمات السيدة رقية

ولو قيل إنّ الكلمات الّتي ينسبها الرواة إلى هذه الطفلة، لا تصدر عادةً عمّن هي في مِثل سنّها. فالجواب:

إنّ السيّدة رقية بنت الإمام الحسين علیه السلام صحيح هي طفلةٌ بحساب السنين، بَيد أنّها ليست كباقي الأطفال، فهي حفيدة النبيّ صلی الله علیه و آله وأمير المؤمنين وفاطمة الزهراء سيّدة نساء العالمين علیهما السلام، وهي بنت الحسين علیه السلام، وهي مِن أهل بيتٍ زقّوا العلم زقّاً، كباراً وصغاراً، كما وصفهم الشيخ الشامي لما شاهد تلك المصيبة فقال: "بأبي أنتم وأمي كهولكم خير الكهول ، وشبابكم خير الشباب ، ونساؤكم خير النساء ، ونسلكم خير نسل ، لا يخزى ولا يبزى."[2] تظهر لهم الملائكة وهي ألطف بهم من أهليهم،[3]

وتزدحم الملائكة في بيوتهم حتّى تزاحمهم على تكاتهم، فيتّخذون من زغبها سخباً وتعاويذ لأولادهم.[4]وقد قضت عمرها القصير في كنف سيّد البلاغة واللغة وأمير الفصاحة والأدب سيّد الشهداء الإمام الحسين(علیه السلام)، فهل يصعب عليها وقد فتحت لسانها في مثل هذا الجوّ أن تفوه بكلماتٍ خرجَت من قلبها المكلوم، وروحها المتعطّشة للقاء أبيها، وقد التقَتْه؟!

المصادر:

[1]. موسوعة كربلاء، لبيب بيضون، ج 2، ص 485.

[2] . الملهوف على قتلى الطّفوف، السيد بن طاووس، ج1، ص194.

[3] . الكافي، الشيخ الكليني، ج 1، ص393، ح 1.

[4] . بصائر الدرجات، محمد بن الحسن الصفار القمي، ج 1، ص 93، ح 14.

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
9 + 4 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.