مبدأ الإسلام نصرة كل مظلوم

18:29 - 2023/11/14

إن الإسلام لم يعلمنا التقاعس عن نصرة المظلوم والمستضعف بما أنه ليس بمسلم أو بما أنه ليس شيعي، بل العكس من ذلك تماما، فالإسلام الحنيف طالبنا بالدفاع عن المظلوم مهما كان دينه أو لونه أو قبيلته أو عشيرته أو قربه أو بُعده، فالمظلوم مظلوم والمستضعف مستضعف بغض النظر عن اعتقاده، وبهذا الأدب الإلهي تعامل النبي الأكرم صلى الله عليه وآله، حيث تحالف مع المشركين ضد الظلم و الظالمين من أجل مساعدة المظلومين وهو ما يسمى بـــ"حلف الفضول". وعلى هذا النهج كان تعامل أهل البيت عليهم السلام.

مبدأ الإسلام نصرة كل مظلوم

لقد تعالت بعض الأصوات أخيرا من بعض الدعاة والمعممين أو ممن ينسبون أنفسهم إلى الشيعة حول ما يحدث للمظلومين والمقهورين في فلسطين وفي غزة؛ من أنهم لاينتمون إلى الشيعة أبدا، وأنهم نواصب لاتجوز نصرتهم ولا إعانتهم ولا مساندتهم، بل قال البعض منهم بأنه لا وجود للشيعة في فلسطين أصلا. وهنا نقول متى كانت نصرة المظلومين من منظور الإسلام تقف عند حدود الدين أو المذهب..؟!

إن الإسلام لم يعلمنا التقاعس عن نصرة المظلوم والمستضعف بما أنه ليس بمسلم أو بما أنه ليس شيعي، بل العكس من ذلك تماما، فالإسلام الحنيف علمنا وطالبنا بالدفاع عن المظلوم مهما كان دينه أو لونه أو قبيلته أو عشيرته أو قربه أو بُعده، فالمظلوم مظلوم والمستضعف مستضعف بغض النظر عن اعتقاده، وبهذا تتجسد الرحمة الإسلامية في أبعد صورها وأعلى تجلياتها، وهذا المعنى هو المُستشف من كلمات علمائنا الأجلاء في تفاسيرهم عندما وقفوا عند قوله تعالى: {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ}[1] ،

يقول الشيخ مكارم الشيرازي في تفسيره تعليقا على هذه الآية المباركة: "القرآن يطلب من المسلمين الجهاد في سبيل الله وكذلك في سبيل المستضعفين المظلومين، وأساسا إن هاتين الغايتين متحدتان، ومع الأخذ بنظر الاعتبار عدم وجود قيد أو شرط في الآية نفهم من ذلك وجوب الدفاع عن جميع المظلومين والمستضعفين في كل نقطة من العالم القريبة منها أو البعيدة، وفي الداخل أو الخارج". وبعبارة أخرى: "أن حماية المظلومين في مقابل عدوان الظالمين هو أصل في الإسلام يجب مراعاته، حتى لو أدى الأمر إلى الجهاد واستخدام القوة، فالإسلام لا يرضى للمسلمين الوقوف متفرجين على ما يرد على المظلومين في العالم، وهذا الأمر من الأوامر المهمة في الشريعة الإسلامية المقدسة التي تحكي عن حقانية هذا الدين".[2]

ولقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعمل بهذا الأدب الإلهي؛ حيث يذكر لنا التاريخ تحالف النبي الأكرم مع المشركين ضد الظلم و الظالمين من أجل مساعدة المظلومين وهو ما يسمى بـــ"حلف الفضول". وعلى هذا النهج كان تعامل أهل البيت عليهم السلام، بل تعدى ذلك إلى أنهم كانوا يُعطون مافي أيديهم لمن يحاربهم ويقاتلهم، والشواهد على هذه الرحمة الإسلامية الإلهية كثيرة مسطرة في سيرتهم العطرة.

المظلومين

كلام الإمام الخامنئي عن المظلومين

لقد أبرز الإمام الخامنئي دام ظله في خطابات كثيرة سابقة أهمية نصرة المظلومين والمقهورين والمستضعفين بشكل عام وفي فلسطين خاصة، ودعا أكثر من مرة إلى وجوب الوقوف معهم ضد الكيان الصهيوني الغاصب والقاتل، ونحن في هذه الظرفية الحالية الصعبة والجهنمية التي تمر بها غزة وفلسطين أكد دام ظله مجددا على تلك الأهمية حيث جاء في خطاب له:" إنّ الفاجعة التي تحدث في غزة على يد الصهاينة وبمساعدة الأمريكيين وفي الواقع بأيديهم هي فاجعة قلّ نظيرها. لقد قُتل على أيدي هؤلاء قرابة 4000 طفل في عضون ثلاثة أسابيع! أين تجدون مثل هذا في التاريخ؟ على الأمة الإسلامية أن تعرف ماهية القضية، وأن تشخّص الميدان. ليس الميدان «ميدان غزّة وإسرائيل»، إنّه «ميدان الحقّ والباطل». الميدان ميدانُ الاستكبار والإيمان؛ في جانبٍ قوّة الإيمان وفي الطرف الآخر قوّة الاستكبار. طبعاً تبرز قوّة الاستكبار بالضغوط العسكريّة والقصف وارتكاب الجرائم والفجائع.. قلوبنا تعتصر دما بسبب مصائب شعب فلسطين وبخاصة غزّة، وإننا نتألم، ولكن عندما نمعن النظر، يتبيّن أن المنتصرين في هذا الميدان هم أهالي غزة وفلسطين، هؤلاء الذين استطاعوا أن يحققوا إنجازات عظيمة. أولاً استطاع أهالي غزّة بصبرهم وصمودهم ورفضهم الاستسلام إزاحة قناع حقوق الإنسان الكاذب عن وجوه أمريكا وبريطانيا وفرنسا وأمثالهم، وفضحوا هؤلاء. استطاع أهالي غزة بصبرهم تحريك الضمير البشري".[3]

لقد شخص سماحته أن الميدان ليس ميدان غزة واسرائيل بل ميدان الحق والباطل، وأي طاعن في هذا التشخيص..؟

إذن قضية المظلومين في غزة اليوم يجب أن تكون قضية كل مسلم، يحملها على كاهله كل بحسب تكليفه، وإلى ذلك يشير سماحته قدس سره بكلامه: "ما يُتوقّع من العالم الإسلامي أكبر. فلتعلم الحكومات الإسلامية أنه إذا لم تساعد فلسطين اليوم - كل شخص يستطيع بطريقة ما أن يساعد - فستكون بذلك قد قوّت عدو فلسطين، الذي هو في الواقع عدو الإسلام والإنسانية، وسوف يتهددهم هذا الخطر نفسه غداً. إنّ ما ينبغي للحكومات الإسلاميّة أن تصرّ عليه هو الوقف الفوري لهذه الجرائم التي يرتكبها [الصهاينة] في غزة. يجب أن يتوقّف هذا القصف فوراً. فليُغلقوا مسار تصدير النّفط والبضائع إلى الكيان الصهيوني، ولتمتنع الحكومات الإسلاميّة عن التعاون الاقتصادي مع الكيان، وليستنكروا في المحافل العالميّة كافة وبصوت مرتفع هذه الجريمة وارتكاب الفجائع هذا، دون أيّ تردّد وبلا تلعثم. لا يكوننّ الأمر على هذا النحو: أن ينعقد تجمّع إسلامي أو عربي فيتكلّم بضعة من الذين يتكلّمون بأسلوب موارب أو بتلعثم. ليقولوا كلمتهم بصراحة كيّ يتّضح ما الذي يجري. ينبغي أن يُدان الكيان الصهيوني، ويجب أن يتعبّأ العالم الإسلاميّ بأجمعه ضدّ الكيان الصهيوني".[4]

فنخرج بخلاصة مهمة من كل ما تقدم من أن الإسلام دين الرحمة، ودعوته إلى نصرة المظلوم مسلما كان أو غيره أكبر مثال على ذلك، وبالتالي دعوة المدعي أن أهل غزة وفلسطين لا واجب شرعي يجوز نصرتهم دعوة جاهلية باطلة.

_______________

المصادر:

[1] سورة النساء، الآية75.

[2] الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي، ج٢، ص٢٨.

[3] https://arabic.khamenei.ir/news/7698

[4] https://arabic.khamenei.ir/news/7698

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
2 + 0 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.