المودة والحنان في سيرة أهل البيت

14:55 - 2023/11/05

لقد تعامل أهل البيت عليهم السلام مع الناس من منطلق الرفق والحنان والمودة والرحمة لصبرهم وحلمهم، ووصلوا إلى قلوب الناس وعقولهم بأفعالهم قبل كلامهم.

المودة والحنان في سيرة أهل البيت

لقد أُخذ في كل من الحنان والمودة رقة القلب والرحمة والحب و السلام الموصول للآخر والشفقة والرفق به والقرب منه وقضاء حوائجه والصبر عليه والحلم عنه، وكل هذه المعاني الراقية والسامية في عالم الأخلاق الحميدة والمطلوبة فإنهما داخلان فيها. وإذا ما جئنا إلى المصاديق والمُثُل العليا لهكذا أخلاق وآداب وفضائل فإننا لن نجد غير النبي الأكرم والعترة الطاهرة عليهم جميعا الصلاة والسلام، فهم أفضل الناس في مكارم الأخلاق ، ومحاسن الصفات ، وفضائل الأعمال ، ومراتب الكمال قولا وعملا، فهم القدوة الصالحة ، والاُسوة الحقّ من الله للخلق ، والطاهرون المطهّرون من كل رجس ورذيلة، وذلك قوله تعالى : { لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ }.[1]

وقال عزّ وجل : { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّـهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}.[2]

کیف تعامل أهل البيت عليهم السلام مع الناس

لقد عرف أهل البيت عليهم السلام كيف يتعاملون مع الناس من منطلق الرفق والحنان والمودة والرحمة لصبرهم وحلمهم، ووصلوا إلى قلوب الناس وعقولهم بأفعالهم قبل كلامهم، ولم يك ذلك منهم تصنعا، بل طبعا أصيلا فيهم علیهم السلام نهلوه من سيدهم ومعلمهم محمد صلى الله عليه وآله وسلم الذي قال الله عنه: { وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ }[3]

السلام

وفيما يلي نعرض بعض النماذج والمواقف لأهل البيت عليهم السلام فی باب التعامل مع الناس:

1. روى ابن خلّكان عن ابن عائشة: "أنّ رجلاً من أهل الشام قال: دخلت المدينة ـ على ساكنها أفضل الصلاة والسلام ـ فرأيت رجلاً راكباً على بغلة لم أر أحسن وجهاً ولا سمتاً ولا ثوباً ولا دابّة منه، فمال قلبي إليه، فسألت عنه فقيل: هذا الحسن بن عليّ بن أبي طالب السلام، فامتلاَ قلبي له بغضاً وحسدت عليّاً أن يكون له ابن مثله، فصرت إليه وقلت له: أأنت ابن عليّ بن أبي طالب؟ قال: "أنا ابنه"، قلت: فعل بك وبأبيك، أسبّهما، فلمّـا انقضى كلامي قال لي: «أحسبك غريباً"؟

قلت: أجل، قال: "مِلْ بنا، فإن احتجت إلى منزل أنزلناك، أو إلى مال آتيناك، أو إلى حاجة عاونّاكَ" قال: "فانصرفت عنه وما على الاَرض أحبّ إليّ منه، وما فكرت فيما صنع وصنعت إلاّ شكرته وخزيت نفسي".[4]

2. حدثنا محمد بن عبد الله الأسدي قال حدثنا كيسان قال حدثني مولاي يزيد بن بلال قال: "شهدت مع علي يوم صفين، فكان إذا أتي بالأسير قال: لن أقتلك صبرا، إني أخاف الله رب العالمين، وكان يأخذ سلاحه ويحلفه: لا يقاتله، ويعطيه أربعة دراهم".[5]

3. جنى غلام للإمام الحسين عليه السلام جناية توجب العقاب عليه فأمر به أن يضرب، فقال: يا مولاي " والكاظمين الغيظ " قال: خلوا عنه، فقال: يا مولاي " والعافين عن الناس " قال: قد عفوت عنك، قال: يا مولاي "والله يحب المحسنين"  قال: أنت حر لوجه الله، ولك ضعف ما كنت أعطيك".[6]

4. روى الطبرى، عن الواقدى، حدّثنى محمّد بن عبد اللّه بن محمّد بن عمر، عن أبيه قال‌: كان هشام بن إسماعيل يسى‌ء جوارنا و يؤذينا و لقى منه علىّ بن الحسين أذى شديدا فلمّا عزل أمر به الوليد أن يوقف للناس فقال: ما أخاف إلّا من علىّ بن الحسين (عليهما السلام) فمرّ به علىّ و قد وقف عند دار مروان و كان على (عليه السلام) تقدّم إلى خاصّته ألّا يعرض له أحد منهم بكلمة فلمّا مرّ ناداه هشام بن إسماعيل: اللّه أعلم حيث يجعل رسالاته".[7]

بهذا الأدب النوراني تعامل أهل البيت عليهم السلام مع خلق الله تعالى ونظروا إليهم بعيون الرحمة والحنان والعطف لا عيون التكبر والغلظة، فيجب ان نجعل أدبهم هذا نصب أعيننا ومعنا في طريق حياتنا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصادر:

[1] سورة الأحزاب، الآية ۲۱.

[2] سورة الأحزاب، الآیة ۳۳.

[3] سورة آل عمران، الآية 159.

[4] وفیات الاعیان، ج2، ص68.

[5] المصنف، ج٨، ص٧٢٥.

[6] بحار الأنوار، ج٤٤، ص١٩٥.

[7] مسند الإمام السجاد أبي محمد علي بن الحسين(ع) ، ج1، ص149.

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
15 + 3 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.