-لاینكر أي باحث منصف المركزية والأهمية والعظمة والفضل الذي دارت عليه القدس من الناحية الدينية عند الشيعة، فهذه روايات أهل البيت عليهم السلام وأحاديثهم تنطق بذلك، وإذا كانت النصوص الدينية عند الشيعة أعطت القداسة للقدس فإن الشيعة لم يهملوا أيضا الجانب السياسي قديما وحديثا، وما إعلان الجمعة الأخيرة في شهر رمضان من كل عام بأنه يوم القدس العالمي في الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلا من هذا الباب.
تُطلق مفردة القدس في الإطلاق العام ويراد منها الحرم الطاهر الذي في فلسطين وهوالمسجد الأقصى المقدس؛ الذي كان مهبطا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في إسرائه، وقد جعله الله تبارك وتعالى وما حولَهُ مباركا كما في قوله جل جلاله : {سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ}[1]، ويعتبر المسجد الأقصى المبارك القبلة الأولى للمسلمين حيث كانوا يصلون فيه مدة سبعة عشر شهرا، وهو ثالث الحرمين الشريفين، وذاته أيضا كان موطنا للأنبياء الأطهار على مر الأزمان.
ومن هذه القداسة الإلهية كانت قدسية القدس عند الشيعة على مر التاريخ، أما ما نسمعه أو نقرأه من هنا وهناك من أن الشيعة لايعطون للقدس أهمية ولاقدسية فمحض أكاذيب وافتراءات وادعاءات لا أصل لها أساسها الحقد والفتنة.
القدس دينيا عند الشيعة
لاینكر أي باحث منصف المركزية والأهمية والعظمة والفضل الذي دارت عليه القدس من الناحية الدينية، فهذه روايات أهل البيت عليهم السلام وأحاديثهم تنطق بذلك وإليك بعضها:
1. عن النبي صلى الله عليه وآله قال : إن الله تبارك وتعالى اختار من الكلام أربعا إلى أن قال : "ومن البقاع أربعا إلى أن قال واما خيرته من البقاع فمكة والمدينة وبيت المقدس وفار التنور بالكوفة وان الصلاة بمكة بمئة ألف وبالمدينة بخمس وسبعين ألف صلاة وببيت المقدس بخمسين ألف صلاة".[2]
2. عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال : "أربعة من قصور الجنة في الدنيا : المسجد الحرام ومسجد الرسول ومسجد بيت المقدس ومسجد الكوفة".[3]
3. وقال أبو جعفر عليه السلام لأبي حمزة الثمالي: "المساجد الأربعة المسجد الحرام ومسجد الرسول صلى الله عليه وآله، ومسجد بيت المقدس، ومسجد الكوفة، يا أبا حمزة الفريضة فيها تعدل حجة، والنافلة تعدل عمرة".[4]
القدس سياسيا عند الشيعة
إذا كانت النصوص الدينية عند الشيعة أعطت تلك القداسة للقدس فإن الشيعة لم يهملوا أيضا الجانب السياسي قديما وحديثا، ولعل من أبرز الأدوار السياسية التي يؤديها الشيعة من هذا الجانب ذلك الدور الذي تقوم به الجمهورية الإسلامية الإيرانية خصوصا بعد انتصار الثورة الإسلامية بقيادة الإمام الخميني قدس سره دفاعا عن القدس والمقدسات، هو إعلان الجمعة الأخيرة في شهر رمضان من كل عام، يوم القدس العالمي، وكذلك إطلاقه تصريحات وأقوال قوية حول أهمية القدس وضرورة الحفاظ عليها.
يقول الإمام الخميني[5] قدس سره عن القدس ويومه: "يوم القدس، يوم الاسلام، يوم القدس، يوم يجب فيه احياء الاسلام وتطبيق قوانينه في الدول الاسلامية، يوم القدس، يجب ان تحذر فيه كل القوى من ان الاسلام لن يقع بعد الان تحت سيطرتهم وبواسطة عملائهم الخبثاء".
ويقول قدس سره: "يوم القدس، يوم حياة الانسان، يجب ان يصحو جميع المسلمين وان يدركوا مدى القدرة التي يمتلكونها سواء المادية منها ام المعنوية".
"انني اعتبر يوم القدس يوماً للاسلام ويوماً لرسول الله (ص) ويوم يجب ان نجهّز فيه كل قوانا لاخراج المسلمين من العزلة".
ويقول ايضاً: "ان الذين لا يحيون مراسم يوم القدس هم مخالفون للاسلام وموافقون للصهيونية".
وعلى هذه المركزية والأهمية تبقى مركزية القدس وأهميتها عند الشيعة، شاء من شاء وأبى من أبى، وافترى على الشيعة من افترى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر:
[1] سورة الإسراء، الآية 1.
[2] جامع أحاديث الشيعة، السيد البروجردي، ج٤، ص٥٦١.
[3] الأمالي، الشيخ الطوسي، ص٣٦٩.
[4] من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق، ج١، ص٢٢٩.
[5] القدس في فكر الإمام الخميني قدس سره، جمعية مراكز الإمام الخميني الثقافية ، ص35 _ 36.