مقبرة السفن الإسرائيلية

ليس تجاوزا إذا قيل أن العالم لم يتحرك إزاء ما يحصل في غزة من جرائم بشكل فعلي نصرة للمقاومة الفلسطينية، أو لنقل لم يتحرك من أجل حماية المدنيين الفلسطينيين العُزل، سوى محور المقاومة الذي تقوده الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ومن ضمن هذا المحور المبارك؛ أنصار الله في اليمن، حيث جاء موقفهم على قدر المسؤولية، ووفقا لما تقتضيه المرحلة، فكانت بوصلتهم موجهة نحو كل ما له علاقة بإسرائيل، و في أي مكان تطاله أيديهم وقوتهم، كرد مباشر على المقتلة المروعة التي تشنها الآلة الحربية الإسرائيلية منذ ما يزيد على ثلاثة اشهر على قطاع غزة، هذه المذبحة التي خلفت حتى الآن آلاف الضحايا بين شهيد وجريح ومفقود ونازح، بينما إذا جئنا إلى الطرف الآخر وأعني المجتمع الدولي والذي على رأسه الدول الغربية التي صدعت رؤوسنا منذ سنين بشعارات حقوق الإنسان والدفاع عنها؛ فإن هذه الدول ذاتها بقيت تتفرج على تلك المحرقة ولم تحرك ساكنا، بل هي شريك مباشر في الجريمة من خلال دعم الكيان الصهيوني، لتختفي فجأة كل تلك الشعارات الرنانة والمزخرفة بالأباطيل والأكاذيب أمام مشهد المأساة هذه.

أنصار الله يحولون البحر الأحمر إلى مقبرة للسفن الإسرائيلية

في ظل تلك المآسي والجراح في قطاع غزة؛ خرج رجال أشداء نذروا أنفسهم أن يكونوا عونا لكل مظلوم يستنصر، وشوكة في حلق كل ظالم عات متجبر. فهؤلاء الرجال يحاربون الأعداء نيابة عن الأمة، ومن المخزي أن نرى من الأمة من يُحاربهم نيابة عن الأعداء. ومن مبدأ نصرة الحق هذا وهدم الباطل كانت أول عملية قام بها أنصار الله هو الاستيلاء على سفينة الشحن "غالاكسي ليدر" المملوكة لرجل أعمال إسرائيلي في البحر الأحمر، واقتيادها إلى الساحل اليمني في19 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وتوعد أنصار الله باستهداف السفن التي تملكها أو تشغلها شركات إسرائيلية "تضامنا مع فلسطين"، داعية الدول إلى سحب مواطنيها العاملين ضمن طواقم هذه السفن. ليتوالى الإستهداف على السفن المرتبطة بإسرائيل، مما دفع عدة شركات شحن حاويات إلى تعليق رحلاتها عبر البحر الأحمر حتى إشعار آخر.[1]

هذا وأكد الناطق الرسمي للحوثيين (أنصار الله)، محمد عبدالسلام، أن احتجاز السفينة الإسرائيلية خطوة عمليةٌ تثبت جدية القوات المسلحة اليمنية في خوض معركة البحر مهما بلغت أثمانها وأكلافها. وفي تغريدة له على منصة  (X)، قال عبدالسلام: "تضامناً مع شعبنا الفلسطيني المظلوم وإسنادا للمقاومة الفلسطينية الباسلة في قطاع غزة، نؤكد أن احتجاز السفينة الإسرائيلية خطوة عمليةٌ تثبت جدية القوات المسلحة اليمنية في خوض معركة البحر مهما بلغت أثمانها وأكلافها".[2]

180 سفينة شحن تتجنب البحر الأحمر خشية أنصار الله

أعلنت شركة الشحن الأميركية فليكس بورت أن نحو 180 سفينة شحن غيرت وجهاتها بعيدا عن مضيق باب المندب (الذي يربط بين المحيط الهندي والبحر الأحمر)، أو توقفت بانتظار تعليمات من الشركات المشغلة لها أو حولت مسارها إلى طريق رأس رجاء الصالح حول أفريقيا. وقالت بلومبيرغ إن عملية إعادة التوجيه واسعة النطاق من مضيق باب المندب إلى طريق رأس الرجاء الصالح تشمل السفن التي تنقل كل شيء، بدءا من الألعاب وقطع غيار السيارات إلى الغاز والوقود والنفط الخام، وسيؤدي ذلك على المدى القصير إلى نتائج عدة؛ منها زيادة التكاليفو أسابيع من التأخير وارتفاع أسعار السلع.

تأثير موقف أنصار الله على الكيان الصهيوني

يعد ميناء إيلات الصهيوني المتضرر الأكبر من عمليات أنصار الله، وفي هذا قال الرئيس التنفيذي لميناء إيلات الإسرائيلي، إن نشاط الميناء تراجع 85% منذ تكثيف أنصار الله في اليمن هجماتهم على السفن المتجهة إلى إسرائيل في البحر الأحمر، وأنه بإغلاق مضيق باب المندب في البحر الأحمر تم إقفال شريان الشحن الرئيسي لميناء إيلات، وبالتالي فقد الميناء 85% من إجمالي نشاطه. وفي هذا الصدد أيضا ذكرت صحيفة "غلوبز" الاقتصادية الإسرائيلية أن ميناء إيلات أفرغ حوالي 9 آلاف سيارة فقط، في أكتوبر/تشرين الأول، مقارنة بإجمالي ربع سنوي منتظم يتراوح بين 37 ألفا إلى 47 ألف سيارة.[3]

هكذا يُحسب لمحور المقاومة دوره المشرف في الوقوف مع الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة في وجه الكيان الصهيوني وداعميه، وتحويل أنصار الله ممر باب المندب في البحر الأحمر إلى ممر غير آمن للسفن الإسرائيلية أو المتجهة إليها من هذا الباب.

_________

المصادر:

[1] https://www.aljazeera.net/ebusiness/2023/12/18/%D8%A7%D8%B1%D8%AA%D8%A8%...

[2] https://www.alalam.ir/news/6751298/%D9%81%D9%8A%D8%AF%D9%8A%D9%88-%D9%84...

[3] https://www.aljazeera.net/ebusiness/2024/1/3/%D8%AA%D8%A3%D8%AB%D9%8A%D8...