وتستمر المسيرة

أثبتت الأمة الإيرانية عبر تاريخها المجيد الضارب في القدم؛ أنها أمة ذات كبرياء وعظمة، وليست أمة مستكينة مهانة، فببركة تضحيات رجالها الشرفاء المؤمنين؛ صارت فيما هي عليه اليوم. إن الأمة الإيرانية أمة شريفة ومباركة، فقد أنجبت للأمة الإسلامية وللإنسانية على مدى عقود أعظم الشخصيات، وأجل القامات البارعين في كل ميادين، فأينما وليت وجهك ستجد بصمة حسنة طيبة إيرانية في شتى العلوم والإبداعات والإبتكارت، فحق لمثل هكذا أمة أن تفتخر وتعتز.

السيد رئيسي من عظماء الأمة الإيرانية

ابراهيم رئيسي هو الرئيس الثامن للجمهورية الإسلامية الإيرانية، عالم دين وصاحب التاريخ الطويل في السياسة والقضاء. ولد عام 1960 في مدينة مشهد المقدسة، وأكمل دراسته الحوزية في مسقط رأسه. نال شهادة الدكتراه في فقه القانون. وانخرط في صفوف الثورة الإسلامية ومؤسساتها عندما كان في سن الـ20.

قضى السيد ابراهيم رئيسي ثلاثة عقود في السلطة القضائية، حيث عين السيد نائبا عاما لمدينة كرج غرب طهران عام 1980، ثم أصبح المدعي العام بها في العام ذاته. وكانت القفزة الكبرى في مسيرته هو توليه لمنصب نائب المدعي العام للعاصمة طهران، ليحظى بعدها بثقة مؤسس الثورة الإسلامية الراحل الإمام الخميني قدس سره، فكُلّف بالبتّ في المشاكل القضائية في لرستان وكرمانشاه وسمنان، بالإضافة إلى العديد من الملفات القضائية الأخرى.

عين السيد رئيسي مدعيا عاما في طهران بين عامي 1989 و1994 ثم أسندت إليه مهمة دائرة التفتيش في إيران حتى عام 2004، ليشغل بعدها منصب المساعد الأول لرئيس السلطة القضائية، ثم عين مدعيا عاما لإيران عام 2014.

وفي عام 2016 أوكل إليه قائد الثورة الإسلامية السيد الإمام الخامنئي دام ظله مهمة سدانة العتبة الرضوية في مشهد المقدسة. وفي عام 2019 تولى منصب رئيس السلطة القضائية الإيرانية.

فاز السيد ابراهيم رئيسي بالإنتخابات الإيرانية2021 بنسبة 62% من أصوات الناخبين، وتبنى خلال رئاسته سياسة الإقتصاد المقاوم، إذ واجه الأزمات الإقتصادية بالتركيز على الإنتاج. وكان تطوير التنمية والقضاء على الفساد، والعمل على حل مشكلات الناس الإقتصادية من أولى أولوياته، لذلك يلاحظ المتابع أنه جوال نشط في خدمة شعبه ووطنه وأمته.

وخلال مسيرته الرئاسية افتتح العديد من المشاريع الكبرى والبنية التحتية، كذلك أظهر السيد ابراهيم رئيسي مهارته في إدارة العلاقات الدولية المعقدة، وعزز مكانة إيران ونفوذها على الساحة الإقليمية والدولية. وأحيت إدارته سياسة الجوار وعززت العلاقات مع افريقيا وأمريكا اللأتينية والدول الآسيوية.

وقف السيد رئيسي إلى جانب شعوب دول المنطقة لا سيما الشعب الفلسطيني، فكانت إيران الداعم الأول للمقاومة في المنطقة والمقاومة الفلسطينية، حيث سخرت حكومة السيد رئيسي كل طاقاتها لحماية أهالي غزة من العدوان الإسرائيلي الجاري، فكانت السباقة في نصرة القضية الفلسطينية في كل المحافل الدولية[1].

استشهاد السيد ابراهيم رئيسي ومرافقيه

منذ أول لحظة تم الإعلان فيها عن قطع الإتصال بالطائرة التي تقل السيد ابراهيم رئيسي ومرافقيه وهم: وزير الخارجية أمير حسين عبد اللهيان، وممثل الولي الفقيه في محافظة آذربيجان الشرقية السید محمد علي آل‌ هاشم وحاكم المحافظة مالك رحمتی إلى جانب مرافقين والطيار. وكانت المروحية في طريق عودتها إلى مدينة تبريز، عقب مشاركته في مراسم افتتاح سد "قيز قلعة سي".

ومنذ تلك اللحظة بدأ المحبون في الدعاء والتضرع إلى الله سبحانه وتعالى من أجل سلامة السيد رئيسي ومرافقيه، لكن الأجل المحتوم كان قد قضي، ليتم الإعلان اليوم الإثنين صباحا الـ20 من مايو 2024 عن استشهاد السيد ابراهيم رئيسي ومرافقيه[2]، ليكون وقع الخبر مؤلما وحزينا على كل القلوب المؤمنة والمحبة، لتفقد الأمة الإسلامية قامات عزيزة أخرى، لكن الأمة الإيرانية أمة ولاّدة، وحتما هناك من يكمل طريق العز والكرامة، ومسيرة الجهاد ومقارعة الإستكبار والظالمين؛ بصبر وثقة وثبات بحول الله تعالى.

رحم الله السيد ابراهيم رئيسي المجاهد المتواضع والشجاع، وكل مرافقيه، وجعل مثواهم الجنة مع محمد وآل محمد، وجعل انفسهم وأرواحهم راضية مرضية؛ بُشراها: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي}[3]، وإنا لله وإنا إليه راجعون، ولاحول ولاقوة إلا بالله، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

_________

المصادر:

[1] https://www.alalam.ir/news/6869323/%D9%85%D9%86-%D9%87%D9%88-%D8%A7%D9%8...

[2] https://www.alalam.ir/news/6869313/%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%B4%D9%87%D8%A7%...

[3] سورة الفجر، الآيات27-30.