شركاء الإبادة الصهيونية

لايخفى على العالم حجم الماساة والمعاناة التي يمر بها أهل غزة منذ ما يزيد على أربعة أشهر بفعل العدوان الإسرائيلي النازي، العدوان الذي حصد أرواح آلاف الأبرياء، جلهم من الأطفال والنساء والشيوخ، عدوانا لم يخلف إلا الدمار والخراب الذي عم كل شيء في قظاع غزة، حيث أبادت الآلة الصهيونية البشر والحجر والشجر دون أن يرف للمسؤولين الصهاينة جفن، غير أن الشيء المخزي والمؤلم أكثر حينما ترى من يفترض أنهم مسلمون يشاركون الكيان الصهيوني في تلك المحرقة، ويساهمون في تأجيج نار ذلك الجحيم ضد اخوة لهم.

دول عربية تشارك في الإبادة الصهيونية  في غزة

قد ينظر البعض إلى هذا العنوان بشيء من الريبة والتشكيك، لكن واقع الأمر سيجعل من ذلك الشك وتلك الرهيبة تطمحل وتزول، وذلك عندما نعمل بالحقيقة المؤلمة بالدليل والإثبات والمراجع المعتمدة والمصادر الموثوقة، تلك الحقيقة التي تتفطر منها القلوب والأكباد. 

يذكر أحرار الأمة والعالم تلك الهبة وذلك الموقف الشجاع الذي كان من محور المقاومة في لبنان والعراق وسوريا واليمن نصرة لإخوانهم المقاومين في فلسطين بعد أن شن الإسرائيلي هجومه البربري على قطاع غزة المحاصر، في تجسيد واقعي لمبدأ المحور المعلن "وحدة الساحات"، ومن ذلك ما كان من أنصار الله في اليمن، حين حولوا البحر الأحمر مقبرة للسفن الإسرائيلية، والأجنبية المتجهة إليها. وعلى اثر ذلك تدخّل راعي الإرهاب الامريكي والبريطاني وشنوا حملتهم المسعورة ضد انصار الله في محاولة يائسة للضغط عليهم، ولحماية الملاحة البحرية من أجل السفن الإسرائيلية، لكن عمليات أنصار الله البطولية تواصلت ومازالت مستمرة، مما كلف الإقتصاد الصهيوني خسائرة فادحة وكبيرة، حيث صرّح الخبير الإقتصادي و الأستاذ في قسم الاقتصاد "خوجا كاوا"بجامعة "بليخانوف" الروسية بأن إجمالي الخسائر الاقتصادية على مدار شهر من الحصار الكامل على إمدادات إسرائيل في البحر الأحمر يقدّر بنحو أربع مليارات دولار. وأضاف أن الوضع في البحر الأحمر قد يؤدي إلى عدد من المشاكل الاقتصادية لإسرائيل، بما في ذلك توقف نقل البضائع البحرية مع أوروبا وآسيا[1].

وفي خضم هذا التأثير الكبير الذي أحدثته عمليات أنصار الله في البحر الاحمر بالإقتصاد الإسرائيلي، قامت حكومات دول عربية عميلة؛ بتدشين جسر بري بدل البحر الأحمر عبر موانئ دبي مرورا بالسعودية والأردن وصولا إلى الإحتلال الصهيوني، ويبلغ طوله ألفي كيلو متر وتستغرق الرحلة يومين، بحسب وسائل إعلام عبرية.

وكشفت صحيفة "واللا" العبرية، أنه تتم إدارة عمليات النقل من خلال تطبيق النقل الإسرائيلي Trakent ، الذي يجذب بين أصحاب الشاحنات والعملاء الذين يحتاجون إلى النقل، وصمم في سبيل تشغيل جسر بري من موانئ دبي كبديل للرحلات البحرية عبر البحر الأحمر، لاستيراد وتصدير المنتجات الغذائية الطازجة التي لن تنجو من رحلة السفينة حول أفريقيا. وقالت الصحيفة إنه تم بنجاح تتويج طيار لخط نقل بري جديد في الشاحنات عبر موانئ دبي، مرورا من المملكة العربية السعودية والأردن.[2]

وهذا ما نسميه الشراكة في الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين في غزة، بمشاركة الإمارات والسعودية والأردن ومصر، مصر السيسي التي تمنع أيضا فتح معبر رفح الذي يعد المنفذ الوحيد لسكان القطاع إلى العالم، حيث اعترف الرئيس الأمريكي في تصريح له قبل أيام أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يتعمد عدم فتح المعبر[3] في جريمة عربية مكتملة الأركان، وما خفي أعظم.

ويأتي هذا التواطؤ المقيت من هذه الدول العربية تماشيا مع المصالح الصهيوأمريكية؛ في ظل الواقع الصعب والمأساوي لمن بقي من سكان غزة، حيث أن من لم تقتله الطائرات والدبابات الإسرائيلية، يموت من الجوع، في عملية إجرامية لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيل، إلا أن ذلك لم يكن مانعا تلك الأنظمة الوقحة من التعاطي مع الإسرائيلي، مما يكشف حجم الخزي والعمالة والنذالة والإنحطاط الذي وصلت إليه تلك الأنظمة العربية في تماهيها مع الكيان الصهيوني، وإن لم يكن هذا تواطؤ ومشاركة في الإبادة والجريمة الصهيونية، فماذا تعني المشاركة وماذا يعني التواطؤ؟

___________

المصادرة

[1] https://arabic.rt.com/world/1525638-4-%D9%85%D9%84%D9%8A%D8%A7%D8%B1%D8%...

[2] https://arabi21.com/story/1559893/%D8%A5%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%B9%...

[3] https://www.aljazeera.net/news/2024/2/9/%D8%A8%D8%A7%D9%8A%D8%AF%D9%86-%...