لزوم البصيرة في القضايا المصيرية

18:13 - 2024/07/03

يحتاج الإنسان إلى البصيرة في أموره الدنيوية إضافة إلى القضايا المعنوية والتوحيد.

بصرف النظر عن المستوى الواسع للبصيرة، فمن الممكن أن يكون للإنسان بصيرة أو نقص في البصيرة في مختلف الحوادث. لكن ماذا تعني البصيرة؟ وأي نوع البصيرة يجب أن يجدها؟ وكيف يمكن الحصول على هذه البصيرة؟

إن البصيرة الضرورية في الأحداث، وتؤكدها الروايات وأشار إليها أمير المؤمنين عليه السلام، هي التي تعني أن يفكر الإنسان في الأحداث التي تجري حوله وتتعلق به، والأحداث التي أمامه، وعليه ألّا يمرّ عليها بنظرة سطحية؛ قال أمير المؤمنين: "رحم الله امرأً تفكر فاعتبر، واعتبر فأبصر"[1]أوّلاً يفكر وبناءً على هذا الفكر يعتبر، وبهذا التقدير، يحصل على بصيرة. ينظر إلى الأحداث بشكل صحيح، ويزنها بشكل صحيح، ويتدبر فيها، وتحصل البصيرة في الإنسان؛ أي أنها تخلق الرؤية وتنفتح عين الإنسان على الحقيقة.

ويقول أمير المؤمنين عليه السلام في موضع آخر: "فإنّما البصير من سمع فتفكّر ونظر فأبصر"[2]فليس بمجرد أن يسمع شيئا يرفضه أو يقبله؛ بل عليه أن يفكر. "البصير من سمع فتفكّر ونظر فأبصر".

نَظَرَ: يعني أن ينظر، لا أن يغمض عينيه. وقد أخطأ كثير من الناس الذين انزلقوا وسقطوا في المنحدرات، بسبب أنهم لم ينظروا وأغمضوا أعينهم عن الحقيقة الواضحة.

البصيرة

فقد البصيرة في رفع المصاحف

وكمثال من التاريخ على ذلك، كان جيش معاوية على وشك الهزيمة في معركة صفين. وجاءت الحيلة التي ظنوا بها إنقاذ أنفسهم، وهي أن يرفعوا المصاحف على الرماح، ويحضروها إلى وَسَط الميدان. فطعنوا القرآن بالحربة، وأتوا به إلى وَسَط الميدان، وقالوا فلنعمل بما يقوله القرآن. وكان بعض الناس الذين أصبحوا فيما بعد خوارج، وشهروا سيوفهم بوجه أمير المؤمنين، قالوا: هذه فكرة جيّدة؛ إنهم لا يقولون شيئا باطلا. إنهم يقولون فلْنُحَكّم القرآن. وهنا حصل المكر والخداع والانزلاق، لأنهم لم ينظروا. إنهم لو أرادوا أن يفهموا الحقيقة، فقد كانت الحقيقة أمام أعينهم.

فهذا الذي يدعو ويقول لنخضع للقرآن، هو الذي يحارب الإمام المنتخب المفترض الطاعة! فكيف يريد أن يُحَكّم القرآن؟ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، عدا عن أنه منصوص الخلافة من النبي، قد تمت بيعته من جميع الناس وأصبح إماما، والحاكم الشرعي للمجتمع الإسلامي. فمن قاتله، كان واجبا على جميع المسلمين مواجهته.

إنه إذا كان حقًا يؤمن بالقرآن، كان عليه أن يُسلّم ويقول: لن أقاتله؛ إنهم لو فكروا قليلاً لأدركوا هذه الحقيقة؛ لأن هؤلاء كانوا أصحاب أمير المؤمنين بالمدينة؛ لقد رأوا أن عملاء معاوية ومساعديه قد ساعدوا في قتل عثمان؛ وفي الوقت نفسه يرفعون قميص عثمان ويطالبون بدمه. فهذا النقص في البصيرة سببه الإهمال؛ وعدم النظر؛ وغض البصر عن الحقيقة الواضحة.

المصادر:

[1] . ميزان الحكمة، محمد الريشهري، ج ٢، ص ١٠٥١.

[2] . المصدر، ج ١، ص ٢٦٦.

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
14 + 6 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.