بما أن الناس يواجهون مشاكل حتى في فهم وممارسة تعاليم القرآن القويمة، وفي التفكير، وفي العمل، فمن الضروري أن يبحثوا عن قدوة لأفكارهم وأفعالهم، و ليس القدوة الا أهل البيت عليهم السلام ، فهم الذين يُعتبرون تفسيرا عمليا وموضوعيا للآيات القرآنية، وإذا أردنا تجسيد القرآن، فيمكننا القول إنهم القرآن المجسد.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من سره أن يحيى حياتي ويموت مماتي، ويسكن جنة عدن غرسها ربي، فليوال عليا من بعدي وليوال وليه، وليقتد بالأئمة من بعدي.[1] والموالاة والاقتداء بمعنى المتابعة.
فرسول الله صلى الله عليه وآله وضع لنا القدوة التي نقتدي بها في حياتنا وسلوكنا، فمن أعمالهم التي ينبغي للإنسان الاقتداء بها الخلوص في العمل، وجاءت الإشارة اليه في القرآن الكريم قال تعالى: وَاذْکرْ فِي الْکتَابِ مُوسَي إِنَّهُ کانَ مُخْلَصاً وَکانَ رَسُولاً نَّبِيّاً"[2]
إحياء أمرهم عليهم السلام
إن أهل البيت عليهم السلام قد تميزت أحوالهم عن سائر الخلائق بهالة من السمو والقدسية، لما حباهم الله تبارك وتعالى وخصّهم بالإمامة والسيادة على الناس كافة. فسيرة حياتهم تعطينا النبأ اليقين عنهم، فهم لا يُخالفون الحق، ولا يفارقونه طرفة عين.
يعرفون الحقّ معرفةً كاملةً، ويعملون به، وتلك المعرفة السّامية جعلتهم الركائز الثابتة الراسخة التي يقوم عليها صرح الإسلام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، ومعارفهم الفذّة، وأخلاقهم المحمديّة القرآنيّة، جعلتهم قبلة المسلمين، يرجع إليهم علماؤهم وفقهاؤهم في كل شأن من شؤون التشريع الإسلامي، فيفيضون عليهم من الشرح، والتحليل، والتعليل، ما تطيب به نفوسهم، وتهش له قلوبهم.
إن حياة محمد وآل محمد تكون بإحياء أمرهم، فعن الهروي قال : سمعت أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام يقول : رحم الله عبدا أحيا أمرنا ، فقلت له : وكيف يحيى أمركم ؟ قال : يتعلم علومنا ويعلمها الناس ، فإن الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتبعونا - الخبر.[3]
والشريعة قد فتحت المجال لإحياء الشعائر التي هي جزء من إحياء أمرهم حيث تركت لكل إنسان، الحرية في اختيار الأسلوب والطريقة التي تناسبه، بشرط أن يكون ذلك وفق أحكام الشرع، فأحياها الشاعر بشعره، وأحياها الأديب بنثره، وأحياها ثالث بإقامة مجالس العزاء، ورابع آثر أن يسقي الناس الماء، ليذكرهم بعطش الحسين عليه السلام.
اذن سبل أن يحيى الإنسان حياة محمد وآل محمد متعددة كإحياء ذكرهم وعمارة مراقدهم والتوسل بهم والتبرك بآثارهم والاخذ عنهم والبراءة من أعدائهم ونشر اثارهم إلى غير ذلك مما يتصل بهم عليهم السلام .
[1] . حلية الأولياء، أبو نعيم الإصفهاني، ج 1 ص86 .
[2] . سورة مريم، الآية 51.
[3] . عيون أخبار الرضا ،الشيخ الصدوق، ج ٢ ،٢٧٥.