منع الحديث في عهد الرسول وبعده

10:14 - 2022/03/20

-لقد ظهرت ملامح الاتجاه الرافض للحديث عن الرسول «صلى الله عليه وآله» ، ولكتابته لدى قسم من المسلمين، لا جميعهم.

منع الحديث في عهد الرسول وبعده

إن المنع من كتابة الحديث ظهرت ملامحه لدى قريش على وجه الخصوص ، ومعها من لف لفها ، ممن يرى رأيها ، ويتعامل معها ، ويرى مصالحه مرتبطة بصورة أو بأخرى بمصالحها . وقد كانت حجة قريش لاعتراضها على من كان يكتب كلامه «صلى الله عليه وآله» هي :

أن النبي بشر يرضى ويغضب . فقد يتكلم والحالة هذه بما لا يتفق مع الحق والواقع . وقد شكا البعض قريشاً لأجل ذلك إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فأمره النبي أن يكتب كل ما يتفوه به عليه الصلاة والسلام ؛ فإنه لا يخرج من بين شفتيه إلا ما هو حق وصدق.[1]

ولعل دوافع هؤلاء إلى اتخاذ هذا الموقف هي :

1 - إن الكثيرين منهم كانوا موتورين وحاقدين على الإسلام ، وعلى نبيه الأكرم « صلى الله عليه وآله » ، وعلى المسلمين . وإن كانوا يتظاهرون بخلاف ما تنطوي عليه نفوسهم ، وجوانحهم ، بعد أن اتضح لهم : أنه لا يسعهم إلا التسليم للأمر الواقع ، وكذلك فعلوا ريثما تسنح لهم الفرصة للوثبة ، وتسديد الضربة - كما قال أبو سفيان : والآن لو كان لي رجال - .

2 - الحسد لرسول الله « صلى الله عليه وآله » على ما آتاه الله من فضله ، وعدم رغبتهم في أن يروا الناس يتأسون بنبيهم ، ويطبقون أعمالهم وسلوكهم على أعماله « صلى الله عليه وآله » وسلوكه ، ولا يريدون أن يتناقل الناس سيرته ، وأقواله ، ومواقفه « صلى الله عليه وآله » .

3 - ضعف الاعتقاد لدى الكثيرين منهم ، ولا سيما من أسلم لتوه بنبوَّة رسول الله « صلى الله عليه وآله » ، ولا يرون في ذلك أية فائدة أو عائدة .

أما بعد وفاته «صلى الله عليه وآله» وتسلُّم قريش لأزمة الحكم والسلطان ، فقد رأت أن مصلحتها تكمن في المنع من رواية حديث الرسول ، ومن كتابته ، ومن العمل به . بل وجمع كل ما كتب في عهده « صلى الله عليه وآله » ، ثم إحراقه بالنار . وهكذا كان . وقد تابعت سياساتها هذه بقوة وبحزم.

مراحل منع كتابة الحديث

الأولى : حسبنا كتاب الله : إن أول مواجهة مباشرة وصريحة لرسول الله «صلى الله عليه وآله» في هذا الخصوص ، ومنعه هو شخصياً من كتابة ما يريد ، هي ما جرى في مرض موته «صلى الله عليه وآله» ، فيما عرف ب‍ «رزية يوم الخميس» حينما أراد «صلى الله عليه وآله» أن يكتب كتاباً للأمة لكي لا تضل بعده .

 فصدرت من بعض الحاضرين كلمات غير لائقة في حق النبي الأقدس «صلى الله عليه وآله» ثم جاء الرفض القاطع والجازم لكل ما يكتب في كلمة عمر الشهيرة له «صلى الله عليه وآله»:«حسبنا كتاب الله » . ثم كثر التنازع واللغط من الحاضرين ، فأمرهم « صلى الله عليه وآله » ، بالقيام عنه ، والقضية معروفة ومشهورة.

الثانية : ثم أحرق أبو بكر خمس مئة حديث ، حسبما أسلفنا فكان هو الواضع الأول لركيزة سياسة إحراق حديث النبي الأكرم « صلى الله عليه وآله ».

ثم كانت خلافة عمر بن الخطاب ، فكان التحرك في هذا الاتجاه أكثر دقة ، كما كان أكثر شمولية واستقصاء ، حتى ليخيل إليك : أن هذا الأمر هو أعظم ما كان يشغل بال الخليفة ، ويقض مضجعه ، فكان يتابع هذا الأمر ، ويحث عليه ثم يراقب ويعاقب ويتخذ القرارات والإجراءات بصورة ظاهرة ومستمرة ودؤوبة .

وقد أرسل بأوامره القاضية بإقلال الحديث عن رسول الله « صلى الله عليه وآله » ، وبأن لا يكون هذا الحديث ظاهراً ، وبتجريد القرآن عن الحديث ، أرسل بها إلى جميع الأقطار والأمصار . وكان يوصي بذلك ولاته ، وبعوثه وجيوشه . ولم يزل يشيعهم بهذه الوصايا.[2]

المصادر:

[1] - تيسير المطالب في أمالي الإمام أبي طالب ص 44 ، وتقييد العلم ص 80

[2] - البرهان في علوم القرآن للزركشي ج 1 ص 480 وغريب الحديث لابن سلام ج 4 ص 49

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
16 + 3 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.