عقيدة الشيعة في زيارة القبور

زيارة القبور في سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) والصحابة

جرت عادة البشر على زيارة قبور أقرباءهم وأحبّاءهم من أجل التنفيس عن همومهم والارتباط الروحي مع فقيدهم، واستمرت هذه العادة مع مجيء الإسلام وحسب ما نقلته المصادر التأريخية أن المسلمين وعلى رأسهم النبي  الكريم (صلى الله عليه وآله) وبعض الصحابة كانوا يزورون القبور ويسلموا على أهلها.

فعَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ...يَخْرُجُ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ إِلَى الْبَقِيعِ، فَيَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَأَتَاكُمْ مَا تُوعَدُونَ غَدًا، مُؤَجَّلُونَ، وَإِنَّا، إِنْ شَاءَ اللهُ، بِكُمْ لَاحِقُونَ، اللهُمَّ، اغْفِرْ لِأَهْلِ بَقِيعِ الْغَرْقَدِ.[1]

وينقل أنه كَانَ يَأْتِي قُبُور الشُّهَدَاء عِنْد رَأس الْحول فَيَقُول: السَّلَام عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ، فَنعم عُقبى الدَّار...وزار قبر أمه يَوْم الْفَتْح فِي ألف...وَكَانَت فَاطِمَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، تزور قبر حَمْزَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، كل جُمُعَة.[2]

ومن الأدلة القرآنية التي دلت مفهومًا على جواز زيارة القبور

قوله تعالى: وَلَا تُصَلِّ عَلَىٰ أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَىٰ قَبْرِهِ ۖ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ.[3] فيقول المفسرون إنّ الآية تنهى النبي عن الصلاة على المنافقين والقيام على قبورهم ولا يشمل المنع الوقوف على قبور المؤمنين وزيارتها بل هو أمر مطلوب حسب تعبيرهم.

ثم إنه لا يمكن غض النظر عن أمر الشارع في زيارة القبور وفوائدها والآثار الروحية المترتبة عليها، ولا تختص بالزائر فحسب بل وحتى الميت وصاحب القبر ينتفع من الزيارة حسبما جاء في كلام الأئمة المعصومين (عليهم السلام).

فمن فوائد زيارة القبور هو ذكر الموت كما نقل عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): استأذنت ربي في زيارة قبر امي فأذن لي، فزوروا القبور تذكركم الموت.[4]

وفي الزيارة شفاء القلوب، فعنه ( صلى الله عليه وآله): فمن شاء أن يزور قبرا فليزره فإنه يرق القلب، ويدمع العين، ويذكر الآخرة.[5]

ومن جملة الفوائد التي يحظى بها الموتى هو التنفيس عنهم فعن جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام)‌ فِي زِيَارَةِ الْقُبُورِ قَالَ: إِنَّهُمْ يَأْنَسُونَ بِكُمْ فَإِذَا غِبْتُمْ عَنْهُمُ اسْتَوْحَشُوا.[6]

فمع هذا النقل وهذه النصوص لا ترى الشيعة منعًا في زيارة القبور بل تعتقد أنه أمر مطلوب.

المصادر:

[1] .صحيح مسلم، ج2، ص669.

[2] .عمدة القاري، ج8، ص70.

[3] .التوبة، الآية84.

[4] . بحار الأنوار، ج22، ص530.

[5] .الغدير، ج5، ص67.

[6] .الكافي، ج3، ص228.