العلم وأهل البيت عليهم السلام

ليس بمستغرب لو كان العلم أفضل من العبادة، لأن العابد يصلح أن يكون على طريق نجاة باستخلاص نفسه فقط، لكن العالم يستطيع أن يستخرج عوالم كثيرة من غياهب الجهل والضلال وهو صالح في نفسه ايضاً.

إن العلم يصلح الناس وينفعهم ويبقى أثره في الوجود، أما سائر الفضائل كالعبادة والشجاعة والكرم، فإنها تفيد الناس ما دام صاحبها على قيد الحياة، وليس له بعد الموت الا حسن الاحدوثة، لكن العالم يبقى نفعه مادام علمه باقيا وأثره خالدا.

قال الشاعر:

أخو العلم حيٌّ خالدٌ بعد موته * وأوصاله تحت التراب رميمُ

وذو الجهل ميتٌ وهو ماش على الثرى * يُظنُّ من الأحياء وهو عديمُ

وقد ورد الثناء في السنة على العلم وأهله كما جاء في الكتاب آيات في مدحه ومدح حامليه، وكفى قوله تعالى: إنما يخشى لله من عباده العلماء.[1]

وعلم الدين قسمان الهامي وكسبي، والكسبي يقع فيه الخطأ والصواب، فاذا وقع العالِم في خطأ، رجع خطأه على العالَم كله، لأن الناس أتباع العلماء في الاحكام والحلال والحرام.

والله تعالى يريد من الناس أن يعملوا بالشريعة التي أنزلها، والاحكام التي شرّعها، وعلى هذا فلابد للناس من عالِم لا يخطأ ولا يغلط،ولا يسهو ولا ينسى ليستطيع أن يرشد الناس الى تلك الشريعة المنزلة من الله سبحانه وتعالى. فلا يقعوا في الشرك والخطأ وحبائل الاغلاط، وهذا لا يكون الا اذا كان علم العالِم وحياً أو الهاماً.

العلم واهل البيت

ولا يجوز هذا على أحد سوى عليّ وبنيه، وهذه آثارهم العلميّة فيها النور والهدى ، ولو لم يكن لدنيا أثر أو دليل يدل على هذا إِلا قوله صلّى اللّه عليه وآله : " أنا مدينة العلم وعليّ بابها [2]" ، وقوله : " إِني تارك فيكم الثقلين كتاب اللّه وعترتي أهل بيت "[3] لكفى في كون أهل البيت هم علماء الشريعة والكتاب ، قد أخذوا العلم من معدنه، واستقوه من ينبوعه.

ومن هنا صارت الحاجة اليهم، لأن الله تعالى قد أنزل شريعة واحدة لا شرائع وفي كل قضية حكما واحدا لا احكاما، ونصب للأمة في كل زمان مرشدا لا مرشدين، أما اليوم فقد نجد شرائع ولها مشرعون وفي كل قضية أحكاما لا حكما واحدا وفي كل زمان مرشدين متخالفين يكفر بعضهم بعضا ويبرء بعضهم من بعض، فهذا الذي حدث، لم يكن يريده رسول الله صلى الله عليه وآله لأمته.

المصدر

[1] . سورة فاطر، الآية 28.

[2] . كنز العمال،ج6،ص156.

[3] . مسند أحمد،ج4،ص366.