إن القدرة على الاستمتاع بالنعم الدنيوية اكتسابية، فقد يكون شخص ما حتى الأمس محرومًا من الاستفادة، واليوم باللجوء إلى أعمال الخير المرضية، قد أثار بحر رحمة الله اللامحدودة وأوجد هذا العامل لنفسه، ورفيق السوء يعيق النمو نحو الكمال ويحرم الانسان من تلك النعم.
آثار الصداقة غير الشرعية: كم هناك من شباب أبرياء، انغمسوا في علاقات غير شرعية بسبب صداقات غير شرعية، ودمروا كامل طاقتهم التي كانوا قد وفروها لأنفسهم من قبل.
تخيل شباباً أو فتاة تستمتع بكل فوائد الحياة، ومع توفر الفرص المناسبة، يمكن أن يكون له مستقبل مشرق، بمعنى أنه كان باستطاعته أن ينهي دراسته العالية، وبعد تكوين الأسرة، عليه أن يحاول جاهداً تلبية احتياجات مجتمعه وأسرته.
هذا الشخص إذا لم يراعِ الحدود الإلهية، وما يجب وما لا ينبغي، في شريعة الإسلام المقدسة، وجلس على موائد فاسدة وشيطانية في مسار حياته، فإنه بالتأكيد سيمهد الطريق لسقوط مستقبله وانحطاطه ويُحرم من الاستفادة من نعم الله تعالى. وبعبارة أخرى إنه يقوم بتدمير القدرات التي كان يملكها والتي تعتبر عاملاً مهماً في الحصول على النعم الإلهية.
لذلك لا يخفى على أحد أن الصداقة تلعب دورًا مهمًا في مستقبل الإنسان ولها تأثير حاسم في تحقيق النجاح المستقبلي، وقد أشار أهل البيت عليهم السلام الى دور الصداقة وما يتركه على مستقبل حياة الانسان، قال الامام علي عليه السلام: لا تصحب الشرير فان طبعك يسرق من طبعه شرا وأنت لا تعلم.[1]
الصداقة مع المائق
وقال عليه السلام: لَا تَصْحَبِ الْمَائِقَ فَإِنَّهُ يُزَيِّنُ لَكَ فِعْلَهُ وَيَوَدُّ أَنْ تَكُونَ مِثْلَهُ.[2] ومثله المالق الذي يُظهر لك من الحب والتودد ما ليس في قلبه.
وقد نصح الإمام السجاد بعض بنيه و حذره من الصداقة مع بعض الافراد فقال: يَا بُنَيَّ اُنْظُرْ خَمْسَةً فَلاَ تُصَاحِبْهُمْ وَ لاَ تُحَادِثْهُمْ وَ لاَ تُرَافِقْهُمْ فِي طَرِيقٍ فَقَالَ يَا أَبَةِ مَنْ هُمْ؟ قَالَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: إِيَّاكَ وَ مُصَاحَبَةَ اَلْكَذَّابِ، فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ اَلسَّرَابِ يُقَرِّبُ لَكَ اَلْبَعِيدَ وَ يُبَعِّدُ لَكَ اَلْقَرِيبَ، وَ إِيَّاكَ وَ مُصَاحَبَةَ اَلْفَاسِقِ، فَإِنَّهُ بَايَعَكَ بِأُكْلَةٍ أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، وَ إِيَّاكَ وَ مُصَاحَبَةَ اَلْبَخِيلِ، فَإِنَّهُ يَخْذُلُكَ فِي مَالِهِ أَحْوَجَ مَا تَكُونُ إِلَيْهِ، وَ إِيَّاكَ وَ مُصَاحَبَةَ اَلْأَحْمَقِ، فَإِنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَنْفَعَكَ فَيَضُرُّكَ وَ إِيَّاكَ وَ مُصَاحَبَةَ اَلْقَاطِعِ لِرَحِمِهِ فَإِنِّي وَجَدْتُهُ مَلْعُوناً فِي كِتَابِ اَللَّهِ .[3]
المصادر:
[1] . شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد، ج ٢٠، ص ٢٧٢.
[2] . نهج البلاغة، الحكمة 285. والمائق هو الأحمق الغبي.
[3] . تحف العقول عن آل الرسول علیهم السلام، ابن شعبة الحراني، ج 1، ص ۲۷۹.