إعمال الرأي في مقابل النص

فقْدُ عمر صفةَ الإيمان: قال سبحانه وتعالى " وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا"[1]

قيْدُ المؤمن في الآية يبين أن المؤمن الواعي لا يترك قول الله عزوجل ولا رسوله صلى الله عليه وآله ويخالفهما ويتبع هوى نفسه او قول انسان آخر قد اتخذ موقفا أمام السنة النبوية القطعية واجتهد في مقابل الصريح من نص النبي صلى الله عليه وآله.

عمر وإعمال الرأي

وهذا عمر ابن الخطاب قد اجتهد في مقابل النص بالنسبة الى " حي على خير العمل" وبالنسبة الى المتعتين اللتين كانتا في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله.

إن الباحث في الاخبار الواردة ولو تأمل فيها، لوجد بوضوح أن جملة " حي على خير العمل" كان في عهد النبي صلى الله عليه وآله أمرا مشروعا ولم يقم دليل على نسخه لا من الكتاب ولا من السنة، الا ما نهى عنه عمر بن الخطاب.

فقد أخرج ابن ابي شيبة عن أسامة قال: حدثنا عبيد الله بن نافع قال: كان ابن عمر، زاد في أذانه حي على خير العمل.[2]

وأخرج الحلبي في سيرته في باب بدء الأذان ومشروعيته، أن ابن عمر، والامام زين العابدين عليه السلام كانا يقولان في الأذان بعد حي على الفالح، حي على خير العمل.[3] وغير ذلك من المصادر.

فبعض الصحابة والتابعين لم يعتنوا بنهي عمر عن ذلك، وكانوا يأتون بحي على خير العمل في أذانهم حيث كان لديهم حجة على تشريعها، ونهي عمر لا قيمة له ويعتبرونه اجتهادا في مقابل النص.

وقد صرح عمر بإعمال الرأي في مقابل النص فقال: ثلاث كنّ على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وأنا احرمهن ومعاقب عليهن، متعة الحج ومتعة النساء وحي على خير العمل.[4]

واعتذار القوشجي وهو من أعاظم الاشاعرة عن عمر بن الخطاب بأنّ مخالفة المجتهد لغيره في المسائل الاجتهادية ليس ببدع[5] غير وجيه فإن النبي صلى الله عليه وآله لا ينطق عن الهوى إن هو الا وحي يوحى.[6] فليس ما يقوله النبي اجتهاد من نفسه بصريح القران، وحتى لو فرض أنه اجتهاد من النبي، لكن من الذي أعطى حق ابداء الرأي في مقابل النص لعمر ابن الخطاب وأمثاله بعد نهي الشرع عن مخالفة أوامر الرسول؟

المصادر

[1] . سورة الاحزاب، الآية 33.

[2] . المصنف لابن ابي شيبة، ج1، ص 244، ح3.

[3] . السيرة الحلبية، ج2، ص305.

[4] . الغدير، ج6، ص113، نقلا عن المستبين للطبري.

[5] . شرح التجريد، ص484.

[6] . سورة النجم، الآية 3.