-لقد سمى الإمام زين العابدين عليه السلام نسبا وشرفا وعلما وتقوى واشتهر بابن الخيرتين.

لايخفى النسب الشريف الذي خرج من نوره إمامنا الطاهر المطهر الإمام السجاد زين العابدين عليه السلام . وقد عُرف عن الإمام السجاد عليه السلام بين المؤرخين والمحدّثين بابن الخيرتين ؛ لأنّ أباه هو الإمام الحسين بن الإمام علي بن أبي طالب عليهما السلام ، وأمّه من بنات ملك الفرس كسرى على اختلاف في اسمها ، أُسرت في إحدى الحروب وعُرض عليها الزواج فاختارت الإمام الحسين عليه السلام فتزوجها تكريماً لها .
وجاء في ربيع الأبرار للزمخشري : "أنّ لله في عباده خيرتان : فخيرته من العرب بنو هاشم ، وخيرته من العجم فارس".
وعلى هذا كان من أسمائه عليه السلام ابن الخيرتين ، وفي ذلك قال أبو الاَسود الدؤلي :
وإنّ وليداً بين كسرى وهاشمٍ .. لأكرمُ من نيطت عليه التمائمُ.
الإمام السجاد عليه السلام منارة للدين والعلم
عاش الإمام السجاد عليه السلام حوالي سبعاً وخمسين عاماً ، قضى بضع سنين منها في كنف جدّه علي بن أبي طالب عليه السلام ، ثم نشأ في مدرسة عمّه الحسن وأبيه الحسين عليهما السلام سبطي رسول الله صلىالله عليه وآله وسلم ، واستقى علومه من هذه المصادر الطاهرة.
برز علم الإمام السجاد عليه السلام على الصعيد العلمي والديني ، إماماً في الدين ومناراً في العلم ، ومرجعاً ومثلاً أعلى في الورع والعبادة والتقوى حتى سلّم المسلمون جميعاً في عصره بأنّه أفقه أهل زمانه وأورعهم وأتقاهم.
قال الزهري ، وهو من معاصريه : "ما رأيتُ قرشياً أفضل منه" ، وقال سعيد بن المسيّب وهو من معاصريه أيضاً : "ما رأيت قط أفضل من علي بن الحسين" ، وقال الإمام مالك : "سمي زين العابدين لكثرة عبادته" ، وقال سفيان بن عيينة : "ما رأيت هاشمياً أفضل من زين العابدين ولا أفقه منه" ، وعدّه الشافعي أنّه : " أفقه أهل المدينة".
وقد اعترف بهذه الحقيقة حكام عصره من بني أمية أنفسهم ، رغم ما بينه وبينهم من عداوة وخصومة ، فقال له عبد الملك بن مروان يوماً : "لقد أوتيت من العلم والدين والورع مالم يؤته أحد مثلك قبلك إلاّ من مضى من سلفك .." ، ووصفه عمر بن عبد العزيز بأنّه : "سراج الدنيا وجمال الاِسلام".
وحين اصطدم عبد الملك بن مروان بملك الروم وتماحكا حول مسألة النقود ، لم يجد الاَول مفزعاً ومُعيناً إلاّ الإمام زين العابدين عليه السلام ، فهرع إليه يستعينه على إنقاذ المسلمين من ورطتهم ، فوضع له الإمام اُطروحة متكاملة للنقد الاِسلامي ، وأنقذ المسلمين من إذلال الروم.
إن الوقوف على سيرة الأئمة الأطهار وحياتهم عليهم السلام تعطيك بكل اختصار عبرا ودروسا تقود الإنسان إلى التأمل بحقيقة هؤلاء الانوار الطاهرة.
_________
المصدر:
كتاب الإمام علي بن الحسين عليه السلام دراسة تحليلية لمختار الأسدي ، ج1 ، ص11 – 13. بتصرف.