عوامل رفض الإمام الرضا ولاية العهد

الإمام الرضا عليه السلام يرفض ولاية العهد: إن الذين يمتنعون على تولي المناصب للحكام، يرون وجود المنافاة بين الأمرين، لأنهم اعتادوا من الحكام التجاوز على الحقوق والدماء والأموال وعلى أحكام الدين والنواميس الإنسانية بشكل عام. والزهد والورع لا يتلائم ولا ينسجم مع ذلك كله. ولكن بالتحقيق يَظهر لنا أن لا منافاة بينهما أبداً، فإن الحكم إذا كان وسيلة لإيصال الخير إلى الآخرين ورفع الظلم عنهم وإشاعة العدل وإقامة شريعة الله تعالى، فيجب السعي إليه، والعمل من أجله وفي سبيله.

وهذا النبي صلى الله عليه وآله، قد قاد الأمة وقبله سليمان بن داوود وبعده الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام وولده الحسن عليه السلام وهكذا. وهؤلاء حالهم في الزهد والورع لا يحتاج إلى بيان، بل هؤلاء لم يكن على ظهر الأرض أزهد ولا أتقى ولا أفضل ولا أورع منهم.

فكما أن الأنبياء كانوا القمة في الورع والزهد والتقوى، كذلك الإمام علي عليه السلام قمة في ذلك، وقد رقع مدرعته حتى استحيا من راقعها، وكان راقعها هو ولده الإمام الحسن.[1]

كان الإمام علي عليه السلام يصلي في بيت المال ركعتين شكراً لله، بعد فراغ المال منه. وكان يقول للدنيا: إليك عني يا دنيا غري غيري..الخ

وهو الذي قال فيه عدوه معاوية: لو كان له بيتان بيت من تبر، وآخر من تبن، لأنفق تبره قبل تبنه.

علة رفض الإمام الرضا عليه السلام ولاية العهد

وانما رفض العلويون وعلى رأسهم الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام ولاية عهد المأمون، لما يعرفونه من نواياه الخبيثة، ومحاولاته إسقاطهم إجتماعياً، وابتزازهم سياسياً. فلم يكونوا غافلين عن تلك النوايا، بل كانوا يدركونها كل الادراك، ولم ينخدعوا بتلك الشعارات والأساليب المبهرجة، وكنموذج على هذا، أن المأمون كتب لعبد الله بن موسى، بعد وفاة الرضا، يعده بأن يجعله ولي عهده.

فأجابه عبد الله بقوله: " وصل إلي كتابك وفهمته، تحتال علي حيلة المغتال، القاصد لسفك دمي.  كأنك تظن أنه لم يبلغني ما فعلته بالرضا؟ ففي أي شيء ظننت أني أرغب من ذلك ؟ أفي الملك الذي غرتك حلاوته ؟..أم في العنب المسموم الذي قتلت به الرضا؟.[2]

المصادر:

[1] . ترجمة الإمام علي عليه السلام من تاريخ ابن عساكر بتحقيق المحمودي، ج 3، ص 58 - 60 .

[2] . باختصار، مقاتل الطالبيين للأصفهاني، ص 628 إلى ص 631.