كانت السيدة زينب عليها السلام تجسد شمائل أمها بكل جلالها وجمالها، وتتمثل بها شخصية أبيها بكل تقواها وعلمها، وتتناسب مع شخصية أخيها الحسن، وتكاد تتطابق مع شخصية أخيها الحسين.
حياة زينب : كانت الاحداث تركض منذ لحظة وفاة النبي صلى الله عليه وآله، ودخول بني أمية على مسرح الاحداث من جديد تحت غطاء النفاق، وفي غفلة من الأنصار وتغافل من المهاجرين لمصالح سلطوية مؤقتة. فقامت السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام في وجه ذلك الانحراف، ورسمت لأبنائها طريق التحدي.
رافقت السيدة زينب أمها وهي تلملم جراحها، وتغتصب نفسها وتتحمل كل الألم، فشاهدتها كيف تسارع إلى أمير المؤمنين عليه السلام لتمنع القوم من إكراهه على البيعة.
وكانت إلى جانب أمها حين أنشدت ذلك الخطاب الصاعق في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله بالمدينة، و روت من بعد تفاصيل ذلك الخطاب.
شيّع أهل بيت الرسالة ومعهم الصفوة من أصحاب الرسول جثمان الصديقة الزهراء بكتمان شديد، وكانت حسرات زينب وأختها أم كلثوم كما حسرات السبطين والإمام أمير المؤمنين مكبوتة في الصدور. وعرفت زينب وسائر أولاد فاطمة عليها السلام لماذا توفيت أمهم وهي في سن الورود، ولماذا غسلوها ليلا في ضوء الشموع الخافتة.
لقد استوعبت السيدة زينب الدرس وأتقنت الصبر، واختزنته ليوم آخر مقدر لها ومرسوم ليوم عاشوراء حيث سوف تشهد الفاجعة، وتكون قطب رحاها بعد أخيها.
عبد الله زوج زينب
تحدث أبناء العائلة الكبيرة بينهم عن عمهم جعفر الطيار الذي ذهب في رحلة جهادية ولم يعد حيث استشهد بعد أن قطعت يداه، في الدفاع عن دينه، فوجدوا في جسده بضعا وثمانين جرحا بين رمية وضربة وطعنة.[1] وأعطاه النبي صلى الله عليه وآله وسام الطيار حيث قال انه قد عوض عن يديه بجناحين ليطير بهما في الجنة.
وزوجة جعفر كانت من النساء الفاضلات، وهي من الأخوات المؤمنات اللاتي سماهن رسول الله كذلك، وقد أنجبت لجعفر أربعة، وولدت عبد الله في المهجر في ارض حبشة.
كان عبد الله من بين أولاد جعفر، مباركا حيث قال له النبي - عند شهادة والده - وأما عبد الله فيشبه خلقي وخلقي، وقال : اللهم أخلف جعفرا في أهله، وبارك لعبد الله في صفقة يمينه قالها ثلاثا.[2] فكان عبد الله ثريا لنجاحه في الصفقات، ومشت الركبان بقصص كرمه وعظيم جوده.
وبلغت زينب الكبرى مبلغ النساء فتقدم إليها عبد الله، ولم يتردد الإمام علي عليه السلام من الاستجابة، وزوج ابنته لابن عمها، ولم يذكر التاريخ ان الإمام عليا عليه السلام اشترط على عبد الله شروطا معينة ، كما لم يبين التاريخ شيئا كثيرا عن حياة الصديقة زينب سلام الله عليها قبل حادثة عاشوراء، إلا أنها أنجبت أربعة من البنين: عليا ومحمدا وعونا الأكبر وعباسا وفتاتين، وان النساء كن يختلفن عليها لتلقي عليهن التعاليم الدينية، وإنها هاجرت مع أبيها وزوجها إلى الكوفة وان زوجها عبد الله شارك في الدفاع عن الإمام أمير المؤمنين في حروبه ضد البغاة وإنه كان من أمراء جيش الاسلام في تلك الحروب.
ولا ريب ان البيت الهاشمي بكل عناصره كانوا يخوضون - منذ التحاق النبي بالرفيق الأعلى - غمار صراع متعدد الابعاد من أجل إعادة السلطة إلى الدين ، ومقاومة خط النفاق الأموي الذي تسلل إلى مراكز القيادة في الأمة .
المصادر:
[1] . الكامل في التاريخ، ابن أثير، ج 1، ص 608.
[2] . السيدة زينب، بنت الشاطي، نقلا عن ابن حجر في الإصابة، ج 3، ص 49.