علل التقاعس عن نصرة الإمام علي

12:10 - 2023/11/27

بعد أن غصبوا الخلافة ولأسباب معينة، اختار الإمام علي عليه السلام من أحد طريقين - التمرد والصبر- الطريق الثاني، وتسامح مع الوضع القائم وقام بواجباته وحل مشاكل المسلمين قدر الإمكان.

بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله مباشرة ظهرت الانحرافات في الحكومة الجديدة، وتم تجاهل أحاديث النبي صلى الله عليه وآله في خليفته والحاكم من بعده، في هذا الوقت كان أمام أمير المؤمنين عليه السلام أحد طريقين حاسمين، فإما أن يقوم بمساعدة كبار بني هاشم وشيعته الخُلّص الذين لم يعترفوا بشرعية الحكومة الغاصبة، ويتولى الخلافة والحكم بالقوة، وإما أن يتسامح مع الغاصب، ويصبر على الوضع القائم، ويحل قدر الإمكان مشاكل المسلمين ويؤدي واجباته.

وحيث أن السلطة والمنصب ليست هي الهدف في القيادة الإلهية،  بل الهدف هو الحفاظ على الإسلام، وهو أعلى من الحفاظ على المنصب والمقام، ووجود الخلافة هو أيضاً لتحقيق ذلك الهدف، ولذلك، إذا وجد الخليفة نفسه في يوم من الأيام أمام مفترق طرق، واضطر إلى الاختيار بين المنصب والمقصد، فعليه أن يتخلى عن منصب الخلافة، ويعتبر الهدف أولوية بدل الحفاظ على المنصب.

فأمير المؤمنين عليه السلام لما واجه هكذا موقف، اختار الطريق الثاني، لأنه عليه السلام قيّم حالة المجتمع الإسلامي، وتوصل إلى أنه إذا أصر على الاستيلاء على الحكومة واسترداد حقه بالقوة، فسوف تذهب جهود نبي الإسلام صلى الله عليه وآله والدماء التي أريقت في سبيل اعلاء كلمة الاسلام سدى، فلم يبقَ أمام الإمام علي عليه السلام إلا الصمت.

أمير المؤمنين

أمير المؤمنين ومصلحة الإسلام

إن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام أدرك أن أي دفاع ومواجهة وكفاح لاستعادة الخلافة المغصوبة في تلك الأيام، ليس في مصلحة الإسلام، وإذا كان يريد أن يحمل السيف، فإن بني هاشم وجماعة من الصحابة الذين ما زالوا على عهدهم الذي أخذوه على أنفسهم في الغدير يكونون في جانب، وأتباع السقيفة في جانب آخر، وعلى هذا سوف ينقسم المسلمون إلى فريقين وتتضرر أركان الإسلام.

وعشيرة بني هاشم لم تكن كثيرة، فلو نزلوا إلى الميدان، لم يتمكنوا من الغلبة على جيش المنافقين - الذين أسلموا خوفا من قوة الإسلام وكانت قلوبهم ملئا حقداً على أمير المؤمنين عليه السلام. وقد استشهد أعلام بني هاشم القادرين على القتال، كحمزة سيف الإسلام وجعفر الطيار لسان الإسلام البليغ. فهذان العَلَمان من بني هاشم كان يحتاج اليهما أمير المؤمنين عليه السلام، لو كان يقوم بوجه غاصبي الخلافة وأذنابهم.

ولذا ورد في الرواية عن أبي جعفر عليه السلام قوله: "أما والله لو أن حمزة وجعفرا كانا بحضرتهما ما وصل إلى ما وصل إليه، ولو كانا شاهدين لأتلفا نفسيهما".[1]

ایضا فی روایات مختلفة، عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: أما والله لو كان لي عدة أصحاب طالوت أو عدة أهل بدر وهم أعداؤكم لضربتكم بالسيف حتى تؤولوا إلى الحق وتنيبوا للصدق فكان أرتق للفتق و آخذ بالرفق ، اللهم فاحكم بيننا بالحق وأنت خير الحاكمين.[2]

فعلى هذا فإن سبب عدم دفاع الصحابة عن أهل البيت عليهم السلام ومنهم بنو هاشم والمهاجرون والأنصار، هو أنهم كانوا ينتظرون أمر أمير المؤمنين الذي يعتبر أن عدد الانصار غير كافي للقيام ضد الغاصبين. قال الإمام علي عليه السلام: "فنظرت فإذا ليس لي معين إلا أهل بيتي، فضننت بهم عن الموت، أغضيت على القذى، وشربت على الشجا، وصبرت على أخذ الكظم، وعلى أمر من طعم العلقم ".[3]

المصادر:

[1] . الكافي، الشيخ الكليني،ج ٨ ، ص ١٩٠.

[2] . الكافي، الشيخ الكليني، ج8، ص32.

[3] . نهج البلاغة، خطب الإمام علي عليه السلام، ج ١، ص ٦٧.

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
1 + 8 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.