عِظَم رزية دفن السيدة فاطمة سرّاً

وصف أمير المؤمنين عليه السلام ما نزل بسيدة النساء فاطمة الزهراء عليها السلام من ظلم صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله، بأنه كان بعين الله تعالى، فقال: "فبعين الله تدفن ابنتك سراً وتهضم حقها قهراً ويمنع ارثها جهراً "[1] دلّ هذا التعبير على حجم البلاء الذي نزل بسيدة النساء فاطمة الزهراء عليها السلام، وأنه بعين الله، فما جرى عليها، لم يكن من المصائب العظيمة، إلا لكونه بعين الله تعالى مما كشف رتبتها ومنزلتها عند الله تعالى، كما كان حجم البلاء عظيما في الموارد التي ذكرها القرآن الكريم.

إن القرآن الكريم يعرض لنا جملة من الآيات التي تذكر أن العمل كان بعين الله تعالى، فمن ذلك قوله تعالى مخاطبا نبيه نوح عليه السلام: "وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا ۚ إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ".[2]

والأعين انما جُمع للدلالة على كثرة المراقبة وشدتها، وفي خصوص السفينة قال تعالى: "تَجرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمنْ كَانَ كُفِرَ".[3]

وفي النبي موسى الكليم عليه السلام، قال سبحانه: " أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ ۚ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَىٰ عَيْنِي".[4]

ذبحُ حفيد فاطمة الزهراء عليها السلام

فذكر كلمة - بأعيننا - لبيان العناية الالهية في موارد الإبتلاءات الشديدة، كما جاء عن سيد الشهداء الامام الحسين عليه السلام، وذلك لمّا نحروا ولده الرضيع وهو في حجره، قال: "هوّن عليَّ ما نزل بي أنه بعين الله".[5]

فتحصل أن تعبير الإمام علي عليه السلام في سيدة النساء فاطمة الزهراء عليها السلام مخاطباً رسول الله صلى الله عليه وآله " فبعين الله تدفن ابنتك سراً وتهضم حقها قهراً ويمنع ارثها جهراً" ما هو الا تعبير عن حجم البلاء الذي نزل بها من هؤلاء الظالمين، وأنه كان بعين الله تعالى. "فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون".[6]

المصادر:

[1]. الكافي، الشيخ الكليني،ج ١، ص ٤٥٩.

[2] . سورة هود، الآية 37.

[3] . سورة القمر، الآية 14.

[4] . سورة طه، الآية 39.

[5] . اللهوف، السيد بن طاووس، ص 69.

[6] . سورة البقرة، الآية 79.