-في هذه الآنية الصعبة التي يعيشها المسلمون في غزة وفي فلسطين لم نسمع مطلقا فتوى ولاحتى نداء أو إشارات أو تلمحات من علماء السلاطين الذين كانت فتاواهم جاهزة دوما في خدمة مصالح السلطان.
مابتليت الأمة الإسلامية في ماضيها وحاضرها بشيء أفظع وأشنع من بلاء علماء السلاطين، فهم الشر المستطير المستعر، الذي يكتوي بجحيمه الحجر والشجر والبشر، فيحرمون من أجل السلطان ويحللون من السلطان، يبتغون بذلك عرضا دنيويا قليلا. وفي هذا ورد عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "الفقهاء أمناء الرسل ما لم يدخلوا في الدنيا، قيل: يا رسول الله وما دخولهم في الدنيا؟ قال: اتباع السلطان فإذا فعلوا ذلك فاحذروهم على دينكم".[1]
علماء السلاطين رهن إشارة الحاكم
عندما كان توجه السلاطين ورأيهم الشيطاني في عالمنا الإسلامي وخصوصا العربي منه لايقبل ولايتحمل وجود الحاكم الفلاني كنا نسمع بين الفينة والأخرى بفتاوى مطبوخة جاهزة من علماء السلاطين تقول بوجوب الخروج على ذلك الحاكم وعلى ذلك الرئيس. فمثلا في الأحداث التي شهدتها بعض البلدان العربية فيما عُرف بالربيع العربي نهاية عام2010 ومطلع عام 2011 وما تبع ذلك من أحداث خرجت علينا فتاوى تقول بوجوب الجهاد في سوريا وليبيا واليمن والعراق وكذا تكفير بعض حكام تلك البلاد من قبل علماء السلاطين كأمثال القرضاوي والعريفي والحسن الددو وغيرهم تقربا منهم إلى سلطان جائر يجلس في إمارات وفنادق وفلل في الخليج، وكذا دفعا لخطر جارف كان يتصور ذلك السلطان المجرم أنه سيجرفه مع المجروفين.[2]
واليوم في هذه الآنية الصعبة التي يعيشها المسلمون في غزة وفي فلسطين لم نسمع مطلقا فتوى ولاحتى نداء أو إشارات أو تلمحات من علماء السلاطين أولئك أو على الأقل من بقي منهم على قيد الحياة تقول بوجوب الجهاد أو حتى تدعو لوقف المجازر الإسرائيلية بحق الأطفال والنساء والشيوخ والأبرياء في غزة، بل على العكس من ذلك تماما فإننا نرى علماء السلاطين يقفون مع القتلة ومن يرتكبون أصناف الفظائع ويهاجمون الأحرار الذين يدافعون عن الشرف والكرامة من أمثال الداعية السعودي سعيد بن هليل الذي قال عن المقاومة الفلسطينية بأنها شر مطلق.[3]
فكيف سولت أنفس هؤلاء من علماء السلاطين أن تجر باؤهم هناك في فتاوى القتل والإبادة بحق المسلمين في سوريا واليمن والعراق وليبيا ولم تجر باؤهم في موضوع فلسطين وغزة ودعم شعبها ولو بكلمة، فيأي مكيال يكيلون؟ إنهم يكيلون بمكيال مصالح ومآرب السلطان فيميلون معه أينما مال.
__________
المصادر:
[1] الكافي، الكليني، ج1، ص46.