قامت الثورة الإسلامية في إيران في العقود الأخيرة من القرن العشرين، واجتاحت الأفكار والنظريات المادّية، في الغرب والشرق، كالسيل العارم، وزعزعت بنيانها من القواعد.
إن الثورة الإسلامية في إيران الإسلامية، تختلف عن سائر الثورات التي تحدث في العالم، فإنها تتّسم باتّجاهها الديني والمعنوي الذي عرّض النظرة الدنيوية والمادّية التي تمسك بعنق النظام العالمي، لأزمة حادّة، وشعّتْ بأضواء الأمل في أوساط الشعوب المحرومة والمقهورة، ما دفع بالقوى الظالمة والمهيمنة على مقدرات الشعوب، أن تواجهها، وتلقي المسامير تحت عجلاتها، وتحشّد وتؤلب الأجواء ضدها، وتمارس أنواع الضغوط السياسية، والإعلامية، والعسكرية، والثقافية والاقتصادية خصوصاً من قِبل أمريكا ووسائل إعلام الصهيونية العالمية؛ ومع كلّ هذه الإجراءات والضغوط، وبعد نصف قرن من تحقّق هذه الثورة، نجدها تعطي ثمارها السياسية والثقافية في أقصى أرجاء العالم، وذلك بواسطة إقامة المظاهرات والمسيرات التي تُبدي رفضها ومعارضتها للاستبداد والاستكبار الأمريكي الصهيوني في العالم، وتؤكد على دعمها الشامل للشعب الفلسطيني المظلوم، في مواجهة الاحتلال الصهيوني.
قلق الغرب من الثورة الإسلامية
إن الغرب لم يقلق ويندهش من هذه الثورة بسبب عدم فهمه ومعرفته للتيارات والتحرّكات الثقافية السياسية والفكرية في داخل المجتمع الإيراني، بل لأنّ مصالحه السياسية والاقتصادية الواسعة تعرّضت للخطر.
لقد كانت لأمريكا مصالح كبرى في إيران الغنية بالنفط والغاز، فإنها إضافة إلى سعة حدودها التي تمتد إلى 2500 كم، وموقعها الاستراتيجي الفريد في أكثر مناطق العالم حساسية، فإنها تتمتع في العالم الإسلامي باعتبارها أحد أقوى المراكز الفكرية والثقافية الإسلامية، التي تسيطر على ممرّ المصالح الحيوية والأمنية للغرب وعلى الخصوص القُوى الكبرى منه، وفي التاريخ يظهر شدة التنافس بين روسيا وسائر القُوى أواخر القرن التاسع عشر الميلادي في إيران، مما يتبيّن بوضوح أهمية موقع إيران الإسلامية، لذا أقلقت هذه الثورة الغرب من أجل فقد مصالحه في هذا البلد. فلا حادثة نظير هذه الثورة، أقلقت الغرب وأرعبته وأقضّت مضاجعه إلى هذه الدرجة مع كلّ الأحداث التي رافقت تاريخ إيران المعاصر.