علائم الانتخاب الأفضل

من شرائط المنتَخِب في انتخابه للأفراد، أن يكون متوكلا على الله تعالى، لأنه القادر على كل شيء، والمشرف على كل الأمور، وقلوب الناس بين يديه. كما ورد في الدعاء: "يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ وَالْأَبْصَارِ يَا مُدَبِّرَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ يَا مُحَوِّلَ الْحَوْلِ وَالْأَحْوَالِ حَوِّلْ حَالَنَا إِلَى أَحْسَنِ الْحَالِ"[1]

ومن الشرائط أن يكون المنتَخِب واعياً، قال تعالى: "هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ"[2]وأن يكون عارفا بالحق، فمعرفته بالحق تهديه إلى الصواب من الرأي، واتباع الطريق الصحيح وإزالة الشك منه والازدواجية.

إن التاريخ قد نقل لنا نماذج دالة على أهمية معرفة الحق وتأثيرها على مستقبل الإنسان، فمما نقله التاريخ أن معركة الجمل لمّا بدأتها عائشة بتحريض من طلحة والزبير ضد أمير المؤمنين عليه السلام، تردد رجلٌ في أمر عليّ عليه السلام وطلحة والزبير وعائشة، فكان يقول في نفسه: كيف يمكن أن يكون مثل طلحة والزبير وعائشة على الخطأ؟ وذهب إلى الإمام علي عليه السلام وسأله:

أيمكن أن يجتمع الزبير وطلحة وعائشة على باطل؟

فقال الإمام علي عليه السلام: إنك لَمَلْبوسٌ عليك، إن الحق والباطل لا يُعرفان بأقدار الرجال اِعْرفِ الحَقَّ تَعْرِف أهْلَهُ وَاَعْرِف البَاطِلَ تَعْرِف أهْلَهُ.

أي يريد الإمام علي عليه السلام أن يُفهمه بأنك لا تغتر بشهرة الرجال وسمعتهم، وتظنّ أنهم على حق ولا يخطؤون، فلا تغمض عينيك وتتبعهم دون تميزك الحق مِن الباطل، فشكليات الرجال: ذقونهم، ملابسهم، أجسامهم، ضجيجهم، وغيرها من المظاهر، حتى عبادتهم ليس هو المقياس على الحق، بل اعرف ما الحق وما هو الباطل؟ كي تعرف مَن مِن الناس على حقّ، ومَن مِنهم على الباطل!

وهذه النصيحة من الإمام عليه السلام، صالحة لكلّ عصر وزمان، فلنعرف الحق كي نعرف أهله، ولنعرف الباطل كي نعرف أهله!!

المنتَخِب يبحث ويحقق

ومن موارد صواب رأي المنتَخِب، البحث والتحقيق، بمعنى أنّ على المنتَخِب أن يحقق يبحث في الذي يريد أن ينتخبه، وبعد ذلك يكون رأي على صواب، قال تعالى:"يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين"[3]

وفي هذا الموضوع قال بعض المفسرين: إن هذا الأمر من الله تعالى في البحث عن خبر الفاسق، فيما لو كان المجتمع سليماً والبيئة الإخبارية آمنة تماماً، وإلا فعليه أن يبحث ويتحقق من كل شيء وكل شخص يسمعه حتى يتأكد.

المصادر:

[1] . زاد المعاد، العلامة محمد باقر المجلسي، ج1، ص 328.

[2] . سورة الزمر، الآية 9.

[3] . سورة الحجرات، الآية 6.