الأنبياء والأئمة عليهم السلام والصالحين هم الذين يناضلون من أجل إقامة الحق وتأسيس الحكومة الإلهية.
منذ أن خلق الله البشر من نبيّ الله آدم على نبيّنا وآله وعليه السلام إلى يومنا هذا، هناك صراع قائم بين الحق والباطل على مرّ العصور. لأنّ هناك مبدئين بين البشر، المبدأ الإلهي والمبدأ الشيطاني، المبدأ الإلهي يربّي في النفوس روح الحرّية والعزّة وعدم الخضوع لظلم الجائرين وبغي الظالمين والمبدأ الشيطاني يدعو إلى الركوع أمام أعداء الله والركون إلى الظالمين ونشر اليأس بين الناس.
وعلى هذا الأساس قامت ثورات عديدة ضد الكفر والطغيان والدكتاتورية التي كانت تمثّل حكومة الشيطان وعلى رأس هذه الثورات، ثورات الأنبياء والأئمة والصالحين الذين رفع الله ذكرهم وجعلهم مناراً وقدوة للعباد.
وعلى سبيل الإختصار نذكر نموذجاً مثالياً لهؤلاء الذين غيّروا مصير الحكومات الجائرة أو زلزلوا أركانها. فمن بين هؤلاء الثلّة الصالحة هو نبي الله إبراهيم (عليه السلام) الذي قام بزلزلة أركان عرش نمرود وكسر أصنام الشرك التي كانت تقوي روح الرقّية وتبعّد الإنسان عن المبدأ الأعلى وقد ذكره الله في القرآن الكريم:«فَراغَ إِلى آلِهَتِهِمْ فَقالَ أَ لا تَأْكُلُونَ* ما لَكُمْ لا تَنْطِقُون * فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمينِ»[1]فكان يثير للناس دفائن عقولهم كي يرجعوا إلى فطرتهم السليمة فأدّى ذلك إلى الحكم برميه في النار فأجمعوا عليه تلّاً من الحطب وأحرقوا النار عليه ولكن جعل الله تلك النار برداً وسلاماً وهذا خير دليل على أنّ الله دائماً ينصر الحق ومن يدعو إلى الحق.
والمثال النموذجي الآخر هو نبي الله موسى على نبيّنا وآله وعليه السلام الذي قام بكسر هيمنة فرعون وإبطال سحره الذي كان يستخفّ الناس ليطيعوه وسدّ منافذ الفكر على العباد، فكسر هيمنة «أنا» التي كان يرددها فرعون وبعد ذلك أهلكه الله ليكون لمن خلفه آية «فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ»[2]
وأمّا سيّد الرسل وخاتمهم وسيد الخلق أجمعين محمد (صلّى الله عليه وآله) فقد استطاع أن يخرج الناس من حيرة الضلالة إلى نور الهداية وتأسيس حكومة الآهية قد تحقق فيها العدل بعد ما كان الظلم والسلب والنهب يحكم على المجتمع آنذاك. نعم، النبي (صلّى الله عليه وآله) أحيى كل البشرية بنبوته وعلّم الناس أن العبادة والخضوع لله فحسب.
ومن الثورات الخالدة هي ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) التي زلزلت عروش الظلم والطغيان وبقت ثورته خالدة إلى يوم القيامة وذلك بسب التضحيات التي قدّمها من أجل حفظ الدين وإزاحة الحكومة الشيطانية آنذاك.
وعلى إثر هذه الثورات قامت ثورات عديدة ضد الحكومات الجائرة من جانب الصالحين فمن بين هؤلاء الثلة هو الإمام السيد روح الله الموسوي الخميني (قدّس سره) حينما رأى الإسلام والمسلمين في خطر بسبب تصرّفات الحكومة الدكتاتورية البهلوية في إيران، قام أولاً بتحذير الحكومة بشأن قراراتها، ثم قام بتوعية الناس وحذّرهم بما سيكون في انتظارهم من المذلّة والركون إلى الظالمين، فلمّا رأى أنّ الحكومة لم تلبّ طلب الناس، دعاهم إلى ثورة أدّت إلى انهيار الحكومة الطاغية حتى أصبحت هذه الثورة ممهدة لثورة الإمام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه) الذي سيملأ الأرض عدلاً وقسطاً بعد ما ملئت ظلماً وجورا.
يقول المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران آية الله العظمى الإمام الخامنئي في شخصية الإمام الخميني( قدّس سرّه):«الإسلام الذي كان الإمام الخميني (ره) يعتقد به هو الإسلام المحمدي المعارض للإستكبار والفساد والإستفراد بالسلطة وكان يعتبر الإنتخابات واجباً شرعياً وفريضة دينية ومظهراً لسيادة الشعب الدينية.»[3]
المصادر:
[1] - الصافات،الآيات 91-93.
[2] - یونس، الآية 92.
[3] - 2021/1/4 م، بمناسبة الذكرى الثانية والثلاثين لارتحال الإمام الخميني (ره).