مفتاح العلم

مفتاح العلم السؤال

للعلم أهمية بالغة في الشريعة المقدسة الإسلامية، فدائماً الإسلام يحث الإنسان للبحث عن المعلومات التي تنفعه في الحياة اليومية وترتبط بسعادته الدنيوية والأخروية، فبقدر علم المرء ترتفع مكانته عند الله وعند الناس ولذا نبّه الله تعالى البشر بقوله: هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ[1] وقد ذكرت طرق متعددة في القاموس الروائي لاكتساب العلم ورفع الجهالة، منها السؤال عن المجهول فإنّ ذلك يذهب بظلمة الجهل وينير العقل فقد روي عَنِ الإمام اَلرِّضَا عَنْ آبَائِهِ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: اَلْعِلْمُ خَزَائِنُ وَ مِفْتَاحُهُ اَلسُّؤَالُ فَاسْأَلُوا يَرْحَمُكُمُ اَللَّهُ فَإِنَّهُ يُؤْجَرُ فِيهِ أَرْبَعَةٌ اَلسَّائِلُ وَ اَلْمُعَلِّمُ وَ اَلْمُسْتَمِعُ وَ اَلْمُحِبُّ لَهُمْ.[2] و روي أنّ أحد الشيعة يسأل الإمام الباقر (عليه السلام) عن الإمامة بعده فيقول: فَإِلَى مَنْ بَعْدَكَ قَالَ إِلَى جَعْفَرٍ وَ هُوَ سَيِّدُ أَوْلاَدِي وَ أَبُو اَلْأَئِمَّةِ صَادِقٌ فِي قَوْلِهِ وَ فِعْلِهِ وَ لَقَدْ سَأَلْتَ عَظِيماً يَا عَبْدَ اَلْغَفَّارِ وَ إِنَّكَ لَأَهْلُ اَلْإِجَابَةِ ثُمَّ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَلاَ إِنَّ مِفْتَاحَ اَلْعِلْمِ اَلسُّؤَالُ وَ أَنْشَأَ يَقُولُ:

شِفَاءُ اَلْعَمَى طُولُ اَلسُّؤَالِ وَ إِنَّمَا                          تَمَامُ اَلْعَمَى طُولُ اَلسُّكُوتِ عَلَى اَلْجَهْلِ[3]

وأحياناً عدم السؤال ينتهي إلى ضرر عظيم

فقد ورد عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ اَلْأَنْصَارِيِّ قَالَ: كُنَّا مَعَ جَمَاعَةٍ فِي سَفَرٍ فَأَصَابَ رَجُلاً مِنَّا حَجَرٌ عَلَى رَأْسِهِ فَانْكَسَرَ وَ اِحْتَلَمَ فِي اَللَّيْلِ فَلَمَّا أَصْبَحَ رَاجَعَ قَوْمَهُ وَ قَالَ هَلْ تَجِدُونَ لِي رُخْصَةً قَالُوا لاَ وَ اَلْمَاءُ مَوْجُودٌ وَ لاَ بُدَّ لَكَ مِنَ اَلْغُسْلِ فَاغْتَسَلَ وَ صَبَّ اَلْمَاءَ عَلَى رَأْسِهِ فَمَاتَ فَلَمَّا رَجَعْنَا وَ ذَكَرْنَا لِرَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ ضَاقَ صَدْرُهُ وَ قَالَ قَتَلُوهُ قَتَلَهُمُ اَللَّهُ أَ لاَ سَأَلُوا إِذَا لَمْ يَعْلَمُوا فَإِنَّمَا شِفَاءُ اَلْعِيِّ اَلسُّؤَالُ كَانَ يَكْفِيهِ اَلتَّيَمُّمُ أَوْ شَدُّ جِرَاحَتِهِ وَ غَسْلُ جَسَدِهِ وَ مَسْحٌ بِالْيَدِ اَلْمَبْلُولَةِ فَوْقَ اَلْخِرْقَةِ.[4]

فقتل رجل بسبب عدم السؤال والبحث عن الحكم الشرعي وكم ضرر قد أصاب الناس بعدم السؤال عن الأحكام والقضايا الدينية ! سيّما في زماننا هذا مع كثرة الوسائط والتطور لا يبقى لأحد عذر في جهله.

هذا، وقد ذكرت ضوابط وأطر خاصة بالسؤال وكيفية طرحه منها:

1- أن يكون السؤال بعيداً عن القبح والشناعة لكي يستحق صاحبه الإجابة فعن النبي (صلی الله علیه و آله) أنّه قال: حُسْنُ اَلسُّؤَالِ نِصْفُ اَلْعِلْمِ.[5]

2- أن يكون السؤال للتفقه والاطلاع على أمر لا للتعنت والإستنقاص بالأشخاص فعن أميرالمؤمنين (عليه السلام): إذا سَألتَ فَاسأل تَفَقُّها ولا تَسألْ تَعَنُّتاً فإنَّ الجاهِلَ المُتَعَلِّمَ شَبيهٌ بالعالِمِ، و إنَّ العالِمَ المُتَعَسِّفَ شَبيهٌ بالجاهِلِ.[6]

3- أن يكون السؤال وطلب العلم موجها إلى ذوي الاختصاص فإنّ لكل علم أهلاً، فالسؤال الشرعي يوجّه إلى الفقهاء وسؤال الطب يوجّه إلى الأطباء وكذا باقي العلوم.

4- أن لا يجعل السؤال دأبه وسجيته فيصبح مكثاراً في السؤال، بل يسأل عن ما يحتاج إليه في أمر دينه ودنياه، كما جاء في آداب السؤال عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: كَانَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَقُولُ: إِنَّ مِنْ حَقِّ اَلْعَالِمِ أَنْ لاَ تُكْثِرَ عَلَيْهِ اَلسُّؤَالَ.[7]

5- أن لا يأخذه الحياء في السؤال عن ما يحتاج إليه فإنّ ذلك سبب لتضييع الكثير من العلوم والأحكام الشرعية فعن أميرالمؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: وَلاَ يَسْتَحِيَنَّ أَحَدٌ إِذَا لَمْ يَعْلَمِ الشَّيْءَ أَنْ يَتَعَلَّمَهُ.[8]

المصادر:

[1] . الزمر، الآية 9.

[2] . بحار الأنوار، ج۱، ص۱۹۷.

[3] . المصدر، ج36، ص358.

[4] . مستدرك الوسائل، ج۲، ص۵۲۸.

[5] . کنز الفوائد، ج۲، ص۱۸۹.

[6] . ميزان الحكمة، ج5، ص153.

[7] . بحار الأنوار، ج۲، ص۴۳.

[8] . نهج البلاغة، ص329.