لكل أمر ثمرة وثمرة العلم كما جاء في بيان أهل البيت (عليهم السلام) هي المعرفة فلا علم من دون معرفة الخالق ومعرفة ما يريده منّا.
ثمرة العلم معرفة اللّه
اهتمّت الشريعة المقدسة الإسلامية بالعلم اهتماماً واسعاً حيث نرى في القرآن الكريم وروايات أهل البيت (عليهم السلام) حث عظيم على طلب العلم وكسبه
فأرسل الله سبحانه وتعالى رسله إلى العباد ليخرجوهم من ظلمات الجهل إلى نور العلم، قال الله تبارك وتعالى: كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ[1]وفي آية أخرى ينبّه عقول البشر ويخاطبهم: هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ[2] كذلك جاء في روايات أهل البيت (عليهم السلام) أنهم يحثون المسلمين وأصحابهم على طلب العلم حيث قال النبي (صلّى الله عليه وآله): اطلبوا العلم ولو بالصين فان طلب العلم فريضة على كل مسلم.[3]
هذا، وليعلم القارئ العزيز أنّ لكل شيء ثمرة ولا بد أن يكون للعلم من ثمرة، لذا قال أميرالمؤمنين (عليه السلام): ثمرة العلم معرفة اللّه[4]
فلا علم من دون معرفة الله سبحانه وتعالى لأن الغاية الأساسية من الخلقة هي معرفة الله جل وعلا كما صرحت بهذا بعض الروايات فعن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال: خَرَجَ الحُسَينُ بنُ عَلِيٍّ (عليه السلام) عَلى أصحابِهِ فَقالَ : أيُّهَا النّاسُ ، إنَّ اللّهَ جَلَّ ذِكرُهُ ، ما خَلَقَ العِبادَ إلّا لِيَعرِفوهُ، فَإِذا عَرَفوهُ عَبَدوهُ، فَإِذا عَبَدوهُ استَغنَوا بِعِبادَتِهِ عَن عِبادَةِ مَن سِواهُ فَقالَ لَهُ رَجُلٌ : يَابنَ رَسولِ اللّهِ، بِأَبي أنتَ واُمّي فَما مَعرِفَةُ اللّهِ؟ قالَ: مَعرِفَةُ أهلِ كُلِّ زَمانٍ إمامَهُمُ الَّذي يَجِبُ عَلَيهِم طاعَتُهُ.[5]
فالعلم الحقيقي هو الذي يوصل الإنسان إلى المعرفة الحقيقية، معرفة سر خلقه ومعرفة خالقه، فكم من عالم ملحد أو على غير ملة الإسلام اعتنق الإسلام بسبب علمه الذي أدى إلى معرفة الخالق وتعظيمه.
وقد جاء في أهمّية المعرفة عن الإمام الصّادق (عليه السلام): لَو يَعلَمُ النّاسُ ما في فَضلِ مَعرِفةِ اللّه عز و جل ما مَدُّوا أعيُنَهُم إلى ما مَتَّعَ اللّهُ بهِ الأعداءَ مِن زَهرَةِ الحَياةِ الدّنيا ونَعيمِها ، وكانَت دُنياهُم أقَلَّ عِندَهُم مِمّا يَطَؤونَهُ بِأرجُلِهِم ، ولَنَعِموا بِمَعرِفةِ اللّه جَلَّ وعزَّ ، وتَلَذَّذوا بِها تَلَذُّذَ مَن لَم يَزَلْ في رَوضاتِ الجِنانِ مَعَ أولِياءِ اللّه . إنَّ مَعرِفةَ اللّه عز و جل اُنسٌ مِن كُلِّ وَحشَةٍ ، وصاحِبٌ مِن كُلِّ وَحدَةٍ ، ونُورٌ مِن كُلِّ ظُلمَةٍ ، وقُوَّةٌ مِن كُلِّ ضَعفٍ ، وشِفاءٌ مِن كُلِّ سُقم.[6]
نعم، المعرفة نعمة عظيمة من النعم الإلهية التي لا ينالها إلا ذو حظ عظيم ولا تكتسب إلا عن طريق المعصوم (عليه السلام) أو العلم الصحيح الذي ينتهي إلى معرفة الخالق، ولا يخفى على القارئ أنّنا لا نقصد بالمعرفة المعرفة التامة حيث لا يستطيع أحد أن يعرف الله حق معرفته ولكن معرفة أنّ الله خالقه وأنّه على كل شيء قدير وبكل شيء عليم و... حيث يستطيع الإنسان أن يدرك هذه المفاهيم.
المصادر:
[1] . البقرة، الآية 151.
[2] . الزمر، الآية 9.
[3] . وسائل الشيعة، ج18، ص14.
[4] . غرر الحكم و درر الكلم، ص326.
[5] . سفینة البحار و مدینة الحکم و الآثار، ج6، ص218.
[6] . منتخب ميزان الحكمه، ج1، ص364.