تلك إذا قسمة ضيزى

الإمامة :إن منزلة الإمام أعظم مما يتصوره البشر، لأن منزلة الإمام كالنبي في حفظ أحكام الشريعة، فيجب أن يكون معصوما عن جميع القبائح والفواحش كالنبي صلى الله عليه وآله، ليتمكن من التحفظ على الشريعة وأن يكون هاديا الى مرضاة الله تعالى.

أما أهل السنة فإنهم ذهبوا الى أن الإمام لا طريق الى معرفة عصمته، وأن أمر الإمامة مفوّض الى العباد.[1]

وقد حاول بعض علماء اهل السنة تحديد منصب الامام بشرائط، مثل لزوم الاجتهاد في الاصول والفروع والشجاعة وأن يكون ذا بصيرة بتدبير الحرب.

ولما وجدوا أن خلفاءهم فاقدين لهذه الشرائط، ذهبوا الى عدم اعتبارها عندهم، قال صاحب المواقف: قيل لا يشترط هذه الشروط الثلاثة لأنها لا توجد الآن مجتمعة، وإذا لم توجد كذلك فاما أن يجب نصب فاقدها فيكون اشتراطها عبثا او تكليفا بما لا يطاق، ومستلزما للمفاسد التي يمكن دفعها بنصب فاقدها.[2]

وسكوت صاحب المواقف عن الرد على قائل هذه الشرائط، يستفاد منه الموافقة عليها، لكن الجرجاني شارح المواقف صرح بعدم اعتبار هذه الشرائط في الخليفة حيث قال بما مضمونه:أن تلك الشرائط باطلة بدليل عدم تحققها في ابي بكر وهو خليفة حقّاً.[3]

نصوص في آداب الاكل دون الإمامة

إن الاصل الذي فرضوه في الإمامة باطل، لأنه اذا كانت الإمامة مفوّضة الى الأمة، كان على النبي صلى الله عليه وآله بيان تفاصيلها وطرق انعقادها، وليس عقد الإمامة لفرد أقلّ شأناً من عقد النكاح بين الزوجين الذي اهتم القران بيانه وتحديده.

فكيف اذا كان الامام غير مأمون من الخطأ، وكان من واجب الناس أن ينقادوا له مع فقد أي شرط من الشرائط، ويقتلون الناس بأمر الامام ويقيمون الحدود بحكمه، مع عدم العلم بصواب رأيه وعلمه ودركه بالنسبة الى احكام الدين؟

ثم إن عقد الإمامة تتوقف عليه حياة الامة، كيف لم يطرح في النصوص - على ما زعموه - ولم يتبين حدوده وشرائطه، والحال أن ابسط الاحكام المستحبة مطروحة في النصوص الشرعية الواردة في كتب الفريقين مثل آداب المائدة قبل وبعد الأكل، ومثل النصوص الواردة في آداب التخلي وغير ذلك، أليست هذه قسمة ضيزى؟ 

فهل لعاقل أن يرضى نفسه أن الإمامة لم يرد فيها نص ومع ذلك يكون التقرب الى الله تعالى بامتثال أوامر كل من انتخبه الناس، فهل يكون ذلك منسجما مع ما جاء به خاتم الانبياء؟ كلا ثم كلا.

المصادر

[1] . شرح المواقف، ج8، ص344.

[2] . المواقف، ج3، ص585.

[3] . شرح المواقف، ج8،ص 350.