إنما أنت منذر ولكل قوم هاد

المنذر والهادي: إن ما قاله ابن تيمية بهتان منه وذلك أن الخبر الذي نقله[1] قد تضمن الإمامة وغاب ذلك عن فهم ابن تيمية بتوضيح أن الخبر ذكر الايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله، وخير كتب الله تعالى القرآن الكريم الذي جاء فيه: "يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم"[2]

ومعلوم أن المقصود من "ولي الأمر" الذي وجبت طاعته من دون قيد وشرط كوجوب طاعة النبي، هو من يكون متصفا بالعصمة كالنبي صلى الله عليه وآله،فلو لم يكن معصوما من الخطأ -وفرض أنه أقدم على الخطأ - يكون قد أمر الله بمتابعته، فيكون أمرالله بالمتابعة أمرا بفعل ذلك الخطأ، والخطأ بما هو خطأ منهي عنه، وبالتالي يفضي هذا الى اجتماع الأمر والنهي في الفعل الواحد وهذا محال، فيثبت أن الله تعالى أمر بطاعة أولي الامر على سبيل الجزم، ومادام كذلك فلابد أن يكون معصوما.

ثم لا يتصور أن يكون الله تعالى قد أمر بطاعة هذا المعصوم ولم يكن قد عَرَّفَهُ للناس، والتعريف قد حصل بواسطة النبي صلى الله عليه وآله، فبالرجوع الى السنة النبوية الشريفة نجد أسماءهم، ونجد حديث السفينة والثقلين الذي قَرَن فيه العترة بالكتاب، وإذا كان الكتاب مصونا من الخطأ فمن اقترن به كذلك.

المنذر رسول الله والهادي علي عليهما السلام

إضافة الى ذلك من الأحاديث فإن قوله تعالى " انما انت منذر ولكل قوم هاد"[3] فيه احتمالان في عمل المنذر،احدهما أن يكون عمله الانذار فقط، والاحتمال الآخر أن يكون عمله الهداية، وفرق الاثنين أن الانذار يكون للذين أضلوا الطريق فيدعوهم الى الصراط المستقيم، والهداية موهبة من الله تعالى يلقيها في القلب، فهي للذين آمنوا والذين هداهم الله الى الصراط المستقيم.

و يكون المنذر مثل العلة المحدثة ويكون الهادي بمنزلة العلة الباقية، فالرسول يقوم بتأسيس الشريعة والإمام يقوم بحفظها،ولذا ورد عن الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله ما يشير الى هذا المعنى فقد أخرج الفخر الرازي في تفسيره عن ابن عباس قال وضع رسول الله صلى الله عليه وآله يده على صدره فقال: انا المنذر، ثم أومأ الى منكب علي عليه السلام وقال: أنت الهادي يا علي، بك يهتدي المهتدون من بعدي.[4]

المصادر

[1] . منهاج السنة، ج1، 107.

[2] . سورة النساء، الآية 59.

[3] . سورة الرعد، الآية 7.

[4] . تفسير الكبير للرازي،ج19، ص14.