ترك رسول الله صلى الله عيه وآله خلفاءه الاثني عشر عليهم السلام يكملون مسيرته في نشر الاسلام وتعاليمه النيّرة، وحذر من الخروج على غير مسيرهم فقال: "مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح في قوم نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق"
إن من نتائج الانحراف عن خط أهل البيت عليهم السلام، الفهم الخاطئ للقرآن الكريم، فقد روی عن الإمام الصادق علیه السلام أنه قال: إن من اتبع هواه واعجب برأیه كان كرجل سمعت غثاء الناس[1] تعظّمه وتصفه، فأحببت لقاءه من حیث لا یعرفنی، لأنظر مقداره ومحله، فرأیته فی موضع قد احدق به خلق من غثاء العامة، فما زال یراوغهم حتی فارقهم، وتبعته اقتفي أثره، فلم یلبث ان مر بخباز فتغفله، فأخذ من دكانه رغیفین مسارقة، فتعجبت منه، ثم قلت فی نفسی: لعله معاملة. ثم مر بصاحب رمان، فما زال به حتی تغفله فأخذ من عنده رمانتین مسارقة، فتعجبت منه، ثم قلت فی نفسی: لعله معاملة. ثم لم ازل اتبعه حتی مر بمریض فوضع الرغیفین والرمانتین بین یدیه ومضی.
وتبعته فقلت له: یا عبد الله لقد سمعت بك واحببت لقاءك، فلقیتك لكنی رأیت منك ما شغل قلبی، واني سائلك عنه لیزول به شغل قلبی. قال: ما هو؟ قلت: رأیتك مررت بخباز وسرقت منه رغیفین، وبصاحب رمان فسرقت رمانتین؟! فقال لی: قبل كل شی‌ء... حدثنی ممن أنت؟ قلت: رجل من أهل بیت رسول الله، قال: لعلك جعفر بن محمد؟ قلت: بلی. قال: فما ینفعك شرف أصلك مع جهلك، قلت: وما الذی جهلت؟ قال: قول الله عزوجل:"من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسیئة فلا یجزی الا مثلها"[2]، واني لما سرقت الرغیفین كانت سیئتین، ولما سرقت الرمانتین كانت سیئتین، فهذه أربع سیئات، فلما تصدقت بكل واحد منها كانت أربعین حسنة، فانتقص من أربعین حسنة أربع سیئات، بقی لی ست وثلاثون.
جواب الإمام الصادق عليه السلام للسارق
قال الإمام الصادق عليه السلام: قلت: ثكلتك أمك، أنت الجاهل بكتاب الله، أما سمعت الله عزوجل یقول: "انما یتقبل الله من المتقین"[3]! انك لما سرقت الرغیفین كانت سیئتین، ولما سرقت الرمانتین كانت سیئتین، ولما دفعتهما الی غیر صاحبهما بغیر أمر صاحبهما، كنت انما اضفت أربع سیئات الی أربع سیئات، ولم تضف أربعین حسنة الی أربع سیئات. فجعل يلاحيني[4] فانصرفت وتركته.[5]
إن حدیث الثقلین يحمل الضمان لعدم الضلال والانحراف بالتمسك بالقرآن والعترة الطاهرة معا، ومن الواضح أن محاولة فهم القرآن عن غیر طریق أهل البیت علیهم السلام تجر الانسان الی متاهات وضلالات، وتدفعه الی ارتكاب المحرمات والسیئات، ولا سبیل للخلاص... الا بالعودة الی من أمر الله ورسوله بالتمسك والاقتداء بهم، لأنهم كسفینة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وهوی وغوی.
المصادر:
[1] . الغثاء: أرذال الناس و سقطهم (لسان العرب).
[2] . سورة الانعام، الآية 160.
[3] . سورة المائدة، الآية 27.
[4] . لاحاه: نازعه (أقرب الموارد).
[5] . وسائل الشيعة، الشيخ حرّ العاملي، ج9 ، ص467.