ضرورة مناقشة المباحث المهدوية (البعد الاجتماعي)

09:48 - 2024/03/04

منذ اليوم الذي استقر فيه البشر على الأرض، ظلت البشرية تتمنى الحصول على حياة اجتماعية سعيدة، وقد تقدمت للأمام على أمل الوصول إلى مثل هذا اليوم، وظهور منجي البشرية سيحقق لها هذا الأمل، ويحقق لها ما تنتظره.

المهدي عليه السلام : إن فكرة "المهدوية" تعني الأمل بمستقبل مشرق، ورسالة تحرير للبشرية المحبطة والمضطهدة، وأنه في يوم من الأيام سيأتي رجل إلهي ويحقق ما يأمله الناس.

إن الإيمان بوجود مصلح عالمي - أو "فوتوریسم"[1]- يدعمنا دائمًا في مختلف مجالات النضال الاجتماعي، لأننا إذا كنا نؤمن حقاً بإمام الزمان، فسنحس أننا نحظى دائماً بداعم قوي، يهب لمساعدتنا في العمل الاجتماعي. ومما لا شك فيه أن نتيجة الإيمان بإمام الزمان جل الله تعالى فرجه الشريف ليست أن نتخلى عن كل الجهود الاجتماعية ونجلس في زاوية ونترك كل الأعمال إلى ظهور إمام الزمان عليه السلام، في الأساس، إن الإمام عليه السلام، يكره مثل هؤلاء العاطلين والمغرورين الذين لا يهتمون بشؤون المسلمين.

إن الإنسان المسلم المؤمن، دائم العمل والجهاد في سبيل الله، ومتفائل ومتأمل بحياته الفردية والاجتماعية وينتظر دائماً تعميم العدل والأمن واتساع العدل والحرية والأخوة وتطوير الطروحات الدينية القائمة على التوحيد ويسعى إليها.

لدى الإنسان المسلم، اعتقاد جازم بأن النظام الاجتماعي الوحيد العادل - الذي يستجيب لجميع المطالب الإنسانية المشروعة ويعد للبشر أعدل القوانين - هو نظام الحكم في الإسلام وشريعة القرآن الإلهية، وسوف يتحقق أجملها في عصر ظهور الإمام عليه السلام، وهذا يعني الأمل والحيوية والحياة.

عليه السلام

المهدي عليه السلام عند المستشرقين

يقول ماربين الفيلسوف والمستشرق الألماني في كتابه عن "فوتوریسم" الشيعي:

"من بين القضايا الاجتماعية المهمة التي يمكن دائمًا أن تسبب الأمل والنجاح، هو الإيمان بوجود حجة العصر وانتظار ظهوره. لأن المعتقدات الدينية لأمم شرق الأرض ستعطي آثارها كاملة في القرنين القادمين، ويمكن القول أنه خلال هذه الفترة ومع كل السكان والأسباب الطبيعية، حقق الشيعة تقدما مذهلا، ومن حيث العدد والقوة والقدرة، سيحتلون المركز الأول، وحتى لو انعدمت آثار المعتقدات الدينية، فإن الشيعة سيكون لديهم رأس المال اللازم للحفاظ على قوتهم وسلطتهم وحكمهم في العالم بما يتجاوز القوى العارضة و الطبيعية.[2]

أو هنري كربون، العالم والمستشرق الفرنسي، له مؤلفات في التشيع، لاسيما عن الإمام ولي العصر عليه السلام. وبخلاف غيره من المستشرقين، لم ينظر إلى مسألة المهدوية نظرة تاريخية، بل بحث في العناصر الأساسية والرئيسة للتشيع بأسلوب مشهود ومعلوم. ويقول في سياق المهدوية:

"إن الفكر الشيعي، يتطلع إلى الانتظار، وليس انتظار وحي لشريعة جديدة، بل انتظار ظهور كامل لكل المعاني الخفية أو المعاني الروحية للوحي الإلهي. وخير مثال على هذا الانتظار للظهور، هو ظهور الإمام الغائب.[3]

إن مفهوم الانتظار في رأي هنري كاربون وماربين، له معنى عميق وديناميكي للغاية؛ لأن انتظار مثل هذا المصلح، سيؤدي إلى إعداد روحي وتنمية ذاتية لدى الإنسان المنتظر، وبداية إصلاح المجتمع من كل زلة وخطيئة، والمجتمع المنتظر لن يكون أبداً في دوامة الانحدار والسقوط، ولا أثر فيه للوقوف والسكون. ولذلك فإن الإيمان بالوجود المقدس للمهدي الموعود -أرواحنا فداه- يحيي الأمل في القلوب. والإنسان الذي يؤمن بهذا المبدأ، لن يخيب ظنه أبدًا؛ لأنه يعلم أن هناك نهاية واضحة ويحاول الوصول إليها. ولا يتوقف عن الحركة ولا يستسلم في مواجهة المحن والصعوبات. وهذا هو أعظم تطور اجتماعي للبشرية في ضوء الإيمان بـ "المهدوية".

إن المعرفة والإيمان بإمام الزمان عليه السلام، يمنع المؤمن من التعاون مع الظالمين والطغاة، ويقاوم الحكومات الفاسدة قدر الإمكان. لأنه ينتظر إماماً لم يتصالح يوما ما مع الظلم والظالمين، وسيظهر لبسط العدالة في العالم.

المصادر:

[1] . Futurism تعني الإيمان بفترة آحر الزمان وانتظار ظهور المنقذ والمصلح في العالم.

[2] . مصلح جهانی ومهدی موعود از دیدگاه اهل سنت، سید هادی، ص‌77.

[3] . تاریخ فلسفه اسلامی، کربن، هانری، ترجمة اسدالله مبشري، ص‌42.

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
4 + 0 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.