مشروعية مظاهر العزاء الحسيني

09:36 - 2024/07/25

شهدت المجالس الحسينية عبر التاريخ تطورًا في مظاهر العزاء وأشكاله، واستغرب البعض هذه الممارسات مثل اللطم، وتمزيق الجيب، والصراخ تعبيرًا عن الحزن العميق لمأساة كربلاء. ويتناول المقال هذه الممارسات من منظور ديني وروائي، بهدف توضيح مدى مشروعيتها وأهميتها في سياق العزاء الحسيني.

من المسائل التي انتشرت في السنوات الأخيرة بسبب سوء الفهم للدين والأحاديث ونقص المعرفة بالنصوص الروائية، ما زعمه البعض من أن بعض الأفعال التي تتم في مجالس الإمام الحسين عليه السلام مثل: اللطم، وضَرْب الرأس والصراخ، ليست مشروعة ولا تُعد جزءاً من مظاهر العزاء.

بل زعموا أنه لا يوجد أي توصية بالعزاء للإمام الحسين عليه السلام سوى البكاء عليه.[1] ويزعمون أن النساء الحاضرات في كربلاء كن يلطن ويقمن بهذه الأعمال بسبب طبيعتهن الأنثوية.[2]

والجواب:

إنه من علل ظهور هذه الشبهات: أولاً، عدم البحث الكافي في المصادر الروائية، وثانياً، ظنهم أن هذه الأفعال تعد خلاف المتانة والشأن الإنساني.

لكن ما يجب الالتفات إليه أن مصيبة الإمام الحسين عليه السلام كانت مصيبة عظيمة، وأن جميع الأنبياء وجميع مخلوقات العالم بكت لذاك المصاب الجلل. ولذا فإن عزاء أهل البيت عليه السلام، ولاسيما الإمام الحسين عليه السلام، يختلف عن عزاء الآخرين، وبالرجوع إلى روايات أهل البيت عليه السلام نجد أن هذه الأفعال مثل اللطم تمثل أقصى درجات الحزن، فهي ليست فقط غير حرام بل هي من أعظم مظاهر العزاء.

وقد أشار بعض العلماء إلى مراحل البكاء والجزع على الإمام الحسين عليه السلام، قال: ومنها انهمار الدموع؛ وانسيابها على الوجه واللحية والصدر؛ والصراخ والنحيب والعويل؛ والضرب على الرأس والوجه؛ والتباكي.[3]

الإمام الحسين

روايات جواز الجزع على الإمام الحسين عليه السلام

ومن الروايات الدالة عموما على هذه الأفعال:

عن معاوية بن وهب عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث قال: "كل الجزع والبكاء مكروه سوى الجزع والبكاء على الحسين عليه السلام."[4]

ودعا الإمام الصادق عليه السلام لمن يجزع في مصائب الإمام الحسين عليه السلام، وقوله لمسمع بن عبد الملك:

"أما تذكر ما صنع به يعني بالحسين؟ قلت بلى، قال: أتجزع؟ قلت: إي والله، وأستعبر بذلك حتى يرى أهلي أثر ذلك علي فأمتنع من الطعام حتى يظهر ذلك في وجهي، فقال: رحم الله دمعتك، أما أنك من الذين يعدون من أهل الجزع لنا."[5]

يتضح مما تقدم، أن مظاهر العزاء الشديدة، مثل اللطم وتمزيق الجيب والصراخ، ليست فقط جائزة بل تُعد من أسمى تعبيرات الحزن والإخلاص لمصيبة الإمام الحسين عليه السلام. وأنها تعكس عمق المصيبة وتستوجب ردود فعل استثنائية تعبر عن الحزن الشديد والتعاطف العميق.

المصادر:

[1] . مجله فقه اهل بیت علیه السّلام، شماره48، ص198.

[2] . المصدر، ص 205.

[3] . اشک روان بر امیر کاروان، محمد حسين شهرستاني، ترجمه خصائص الحسینیه، ص212.

[4] . وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج3، ص282.

[5] . المصدر، ج14، ص507.

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
3 + 14 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.