في تاريخ الإسلام، تشكل معركة كربلاء وأحداثها محط اهتمام كبير للباحثين، ومن بين الأمور التي أثارت جدلًا هي حادثة طلب الإمام الحسين عليه السلام للماء من أعدائه، ونستعرض في هذا المقال الأدلة حول هذه الحادثة ونناقش النقد الذي وجهه بعض الباحثين إليها.
ذكر البعض: أن ما يقال بأن الإمام الحسين عليه السلام طلب الماء في كربلاء وقال "اسقوني شربة من الماء" هو حديث موضوع بلا سند، ويتعارض مع قوله "هيهات منا الذلة".[1]
والجواب: إنه يجب للبت في قضية ما الرجوع إلى جميع الكتب والأدلة، ولا يمكن الحكم بشكل شامل بالبحث في بعض الكتب فقط لأن هذا الأسلوب ليس تحقيقيًا ولا يمكن اعتباره بحثًا. كما يجب أن نرى هل الحادثة وقعت أم لا.
إن القول بأن هذا يتعارض مع العقل، وإذا طلب الإمام الحسين عليه السلام الماء فهذا يعني إذلاله، فإذن هذا من الخرافات، ليس منهجًا صحيحًا للتحقيق.
طلب الماء من الإمام الحسين عليه السلام في الروايات والكتب التاريخية
1. ابن نماء الحلي (المتوفى 645 هـ) في مقتل "مثير الأحزان" قال: "... ثم قصدوه بالحرب وجعلوه شلوًا في كثرة الطعن والضرب وهو يستقي شربة من ماء ولا يجد..."[2]
2. في كتاب "أخبار الطوال" نقل: "عطش الحسين عليه السلام فدعا بقدح من ماء..."[3]و "إن الحسين استسقى ماء حين قتل فمنع منه وقتل وهو عطشان."[4]
و "... جعل الحسين يطلب الماء وشمر يقول له والله لا تروه أو ترد النار، فقال له رجل ألا ترى إلى الفرات يا حسين كأنه بطون الحيتان، والله لا تذوقه أو تموت عطشًا، فقال الحسين: اللهم أمتْه عطشًا."[5]
بعد استعراض بعض من الأدلة، يتضح أن طلب الإمام الحسين عليه السلام للماء في كربلاء هو حادثة موثقة في العديد من النصوص التاريخية والروائية. ورغم أن بعض الباحثين شككوا في صحة هذه الواقعة بحجة أنها لا تجاري شخصية الإمام الحسين عليه السلام، إلا أن البحث الموضوعي يبين أن الحادثة تتناسب مع الظروف الإنسانية المحيطة بالمعركة ومع قيم الإمام الحسين عليه السلام في التضحية والبطولة.
المصادر:
[1] . عاشورا پژوهی، صحتی سردرودی، ص71 وص 427.
[2] . مثیرالاحزان، ابن نما الحلي، ص55.
[3] . الأخبار الطوال، الدينوري، ص258.
[4] . بستان الواعظین، ابن الجوزي، ص419.
[5] . الفتوح، ابن اعثم الکوفی، ج 5، ص117