مقتطفات ينبغي التأمل والتفكر فيها لمعرفة مقاصد رسول الله « صلى الله عليه وآله » من خطبته يوم الغدير.
خطبة الرسول يوم الغدير
إن رسول الله « صلى الله عليه وآله » قد خطب الناس في أيام إقامته في غدير خم أكثر من مرة ، فإن النصوص الواردة تذكر تارة أنه « صلى الله عليه وآله » خطبهم في حر الهاجرة ، بعد صلاة الظهر.
وتارة تقول: إنه « صلى الله عليه وآله » خطبهم عشية بعد الصلاة [1]. وكل له وجه من الصحة لأن النبي « صلى الله عليه وآله » بقي في ذلك المكان ثلاثة أيام ، واختلاف أوقات الخطب في حر الهاجرة بعد صلاة الظهر تارة ، وبعد صلاة العشاء أخرى يصبح أمراً طبيعياً .
في يوم الغدير قد تضمنت خطبته « صلى الله عليه وآله » نقاطاً كثيرة ، اليك بعضها .
النقطة الاولى: الضلال والهدى
وهي نقطة اساسية استهل بها « صلى الله عليه وآله » خطبته يوم الغدير، لأن كل الناس يحبون - ويعتزون بالهدى ، وبانتسابهم إليه ، حتى لو لم تكن النسبة واقعية ، ويربأون بأنفسهم عن الوصف بالضلال حتى لو كانوا من أهل الضلال بالفعل، .فإذا كان المتحدث نبياً ، فالكل يحب أن يجد نفسه في عداد الفريق الذي يحبه ذلك النبي.
النقطة الثانية : يوشك أن أدعى فأجيب
أثار مشاعرهم بهذا النبأ لتضمنه الخوف من المستقبل ، الذي لا سبيل إلى معرفته بعد يوم الغدير ، لو فقدوا حبيبهم رسول الله « صلى الله عليه وآله » الذي يرونه ضماناً لهم من كل شر وسوء ، ويشعرون بوجوده بالسكينة والأمان في كل حركة وموقف، وهذا معناه : أن عليهم أن يهتموا بما سيقوله لهم ، لأنه سيكون مفيداً في هدايتهم وفي حفظهم، خصوصا لتلك المرحلة المخيفة ، وهي مرحلة ما بعد موته « صلى الله عليه وآله » .
النقطة الثالثة: إني مسؤول ، وأنتم مسؤولون
ساوى نفسه بهم في المسؤولية عن هذا الأمر، مع التأكيد على شدة حساسية هذا الأمر الذي يريد أن يثيره أمامهم و أنه أمر بالغ الخطورة ، والمسؤولية عنه تلاحقهم ، والمطالبة به تنتظرهم ، ولا سيما في الآخرة .
النقطة الرابعة: فما أنتم قائلون ؟ !
أفهمهم « صلى الله عليه وآله » في يوم الغدير، أنه لا يريد أن يفرض عليهم أمراً بعينه ، بل ترك الخيار لهم ، في أن يقبلوا وأن يرفضوا ، ولذلك قال : فما أنتم قائلون ؟ ! . . فمن اعطى العهد والالتزام ، ثم نكث بعد ذلك ، فإنما ينكث على نفسه . .
النتيجة: انه « صلى الله عليه وآله » سلك معهم جميع طرق التحذير و الترغيب لتثبيتهم على طريق الولاية، ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة.
المصادر
[1] . المستدرك للحاكم، ج 3 ،ص 109، وجامع أحاديث الشيعة، ج 1 ، ص 24 ، والغدير، ج 1 ، ص 31.